بعض " كلام الشارع " أهون وأفضل من كلام أولاد مفيدة

دون الدخول في متاهات " الوعظ والإرشاد " دعونا نذهب مباشرة إلى صلب الموضوع . والموضوع هنا ماذا يريد سامي الفهري أن يقول لنا من خلال مسلسل أولاد مفيدة ؟.
إذا أراد أن يقول لنا إن مجتمعنا مبنيّ على الجنس والمال فهو مخطئ ... وإذا أراد أن يقول إنه مبني على الغش والخيانة المطلقة فهو أيضا مخطئ ... وأما إذا أراد أن يفهمنا أن " كلام الشارع " هو الذي أصبح سائدا أو هو الذي يجب أن يسود وأن القيم انقلبت رأسا على عقب فهو أيضا مخطئ . ودعونا نقل لسامي الفهري إن ما صوّره في هذا المسلسل مبالغ فيه بصفة كبيرة جدا وهذا يعود إلى أحد السببين التاليين : إما أن السيد صاحب النص والسيناريو والفكرة والإخراج وكل شيء ( وهو بكل تواضع سامي الفهري ) لا يعيش معنا في هذا المجتمع وإما أنه يتخيّل أن يصبح مجتمعنا مثلما صوّره في مسلسله : خيانة ضاربة أطنابها بين الإخوة والأنساب والأصدقاء ... عنف وإجرام في كل مكان ... مخدرات وعلاقات مشبوهة بين كافة " أبطال " المسلسل تقريبا ...كلام سوقي لا يمكن أن يحتمل سماعه أي شخص وهو يشاهد هذا العمل العظيم مع أفراد عائلته ... وهنا دعونا نسأل صاحب العمل عن رأيه بكل صدق في ما قالته تلك الطائشة ( ونقصد شخصيتها في المسلسل وليس شخصها في الواقع ) في حلقة الأمس من دعوة مفضوحة وصريحة إلى المجون وإلى " التجارب " قبل الزواج وما رافق ذلك من كلام لا يستطيع مجموعة من الذكور قوله بين بعضهم البعض في مقهى فما بالكم به في التلفزيون ؟ هل تعتقد فعلا أن فتياتنا في هذا العصر هنّ من أصبحن يطلبن من الشبّان أن يجرّبوهنّ وأن يجرّبنهم قبل الزواج عسى أن لا تفاجأ إحداهنّ ليلة زفافها بأن الذي تزوجته " سلعة مغشوشة " مثلما قالت تلك العيّنة المغشوشة التي جئت بها إلينا في حلقة أمس ؟؟؟. إن مسلسل أولاد مفيدة ورغم نسب المشاهدة العالية يبقى موغلا في المبالغة والمغالطات وتزييف الواقع . فالواقع الذي يقدمه لنا سامي الفهري بعيد جدا عن واقعنا الذي لا ننكر أن فيه من كل ما أتى به المسلسل لكن ليس بذلك الحجم وتلك المبالغات . وقد كان على " المفكّر الوحيد " في قناة الحوار التونسي أن يقول لنا إن ما يقدّمه لنا من نوع أفلام الخيال العلمى وانتهى الأمر .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق