بعد هزيمته في انتخابات ألمانيا : نداء تونس " مريض " يرفض الدواء

بعد هزيمته في انتخابات ألمانيا : نداء تونس " مريض " يرفض الدواء


مساء الأحد الماضي عرف التونسيون جميعا  أنه " حصّل ما في الصدور " في ما يتعلّق بالانتخابات  الجزئية بألمانيا . ولئن مثّل فوز ياسين العياري في تلك الانتخابات  " صدمة " أو مفاجأة بالنسبة إلى البعض وخاصة من الندائيين فقد  مثل للبعض الآخر حقيقة ظلّ الكثير في نداء تونس ينكرها ولا يريد أن يراها أصلا .
ولعلّ الأكيد أن قبل الانتخابات لم يكن أحد يتصوّر هذه الهزيمة لنداء تونس بعد أن تفرّغت أطراف عديدة  لهذه الانتخابات  وشرعت في تنفيذ حملة انتخابية  بكل ما لديها من وسائل لا تتوفّر في أي مرشّح آخر.  وبعد الانتخابات تم الإعلان عن فوز ياسين العياري  فانبرى كل واحد من " قادة " النداء يفسّر الهزيمة على هواه ولا أحد ذهب إلى أصل الداء ... قلّة قليلة من الندائيين  اعترفوا بأن الهزيمة تعود إليهم وإلى طرق عملهم وأخطائهم المتراكمة . لكن العديد من القيادات غرست رؤوسها في الرمل وبحثت عن أسهل التبريرات ورمت حبائلها على النهضة معتبرة أنها خذلتها وكانت السبب في هزيمتها ... ودعت إلى مراجعة التحالف معها تحسّبا لأي " غدر " في المحطات الانتخابية القادمة .
هذا الهروب إلى الأمام يجعلنا نبدي بعض الملاحظات  التي لا بدّ لهؤلاء الندائئين أن يأخذوها بكل جدية وأن يروها كما هي  دون تأويل أو اجتهاد :
* كان على قيادات نداء تونس أن تأخذ العبرة من هذه الانتخابات  وأن تبحث عن موطن العلّة الحقيقي في محيطها وليس في محيط الآخرين .
*  كان على نداء تونس أن يقرأ حسابا لكافة الطوارئ  وأن يعمل أكثر قبل تلك الانتخابات حتى يضمن لمرشحه أوفر حظوظ الفوز أي أنه ما كان عليه أن يترك حظوظ الفوز بيد " أطراف " أخرى  أصبح يقول اليوم ( حتى بالتلميح ) إنها خذلته ولم تساند مرشحه .
* حسب بعض المعطيات الجادة فإن " المتهمين " بالخذلان كان عددهم من حيث الأصوات الممنوحة لمرشح النداء أكبر من عدد الندائيين أنفسهم  بالرغم من أن البعض كان يقول إن أفراد عائلة عبد الرؤوف الخماسي وأصدقاءه  سيضمنون فوزه ... لكن يبدو أن هؤلاء كانوا يوم الانتخابات منشغلين بأمور أخرى فخذلوا مرشحهم . وهنا يطرح السؤال : من خذل الخماسي في النهاية ؟. أكيد أنه ليس تلك الأطراف التي وعدت بالمساندة  وكانت في وقت سابق قدّمت له أحسن هدية وهي إحجامها عن تقديم أي مرشح وبالتالي تركت له " طريقا سريعة " كان عليه أن يحسن " الجري " فيها .
* في بيان حزب حركة نداء تونس الصادر  بعد  الانتخابات استرعت انتباهنا   الفقرة الأخيرة التي جاء فيها : " تعلن حركة نداء تونس أنها ستقوم بالمراجعات الشجاعة والضرورية في علاقتها مع بعض الأطراف السياسية  وتفوّض لاجتماع هياكلها المزمع عقدة يومي 23 و 24 ديسمبر الجاري اتخاذ القرارات  المناسبة  في الغرض ". وفي الحقيقة لا يمكن أن نسمّي هذا إلا عنادا وهروبا مضاعفا إلى الأمام . فالمراجعات التي تحدث عنها البيان كان بالإمكان أن يقال عنها " شجاعة " لو تعلّقت بمراجعات ذاتية تتعلق بالحزب وأساليب عمله  واستراتيجيته ورؤاه وما إلى ذلك من أمور تتعلّق بهذا الحزب . أما أن تتعلّق هذه المراجعات  بمراجعة التحالف مع النهضة أساسا ( وهو الطرف السياسي الذي كان مقصودا ولم يفصح عنه البيان بشجاعة )  فإن ذلك " مراهقة سياسية " ومواقف تبنى على انفعالات لا غير . ولو فرضنا مثلا أن النداء حسم أمره وانفصل عن حليفه الرئيسي في الحكم أي النهضة  فهل سيصبح لكتلة النداء  القدرة على تمرير حتى ربع قانون  في البرلمان ؟. وإذا فضّت " الشركة " بين النهضة والنداء هل يتصوّر الندائيون أن هناك من الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان من يقبل أن يتحالف مع النداء من أجل التعديل وضمان الحد الأدنى من الأصوات بما يسمح بتمرير القوانين والمصادقة عليها ؟.
* إن ما يدعو له البعض من فك الارتباط مع النهضة  سيحمل إلى حالة من  " الشلل البرلماني " الكامل إن صح هذا التعبير بحيث لا هذا ولا ذاك سيكون قادرا على حسم الأمور بأغلبية ولو قليلة . وفي ظل شلل منتظر سيكون من المنتظر أيضا حلّ البرلمان وسقوط الحكومة ... والذهاب إلى منطق " فسّخ وعاود من جديد " ؟؟؟.
جمال المالكي  

التعليقات

علِّق