بعد فقدانه في السوق : هل يختفي الزيت المدعم نهائيّا ؟؟؟

بعد فقدانه في السوق : هل يختفي الزيت المدعم نهائيّا ؟؟؟

عقدت الغرفة النقابية الوطنية لمعلّبي الزيوت الغذائية المنضوية تحت لواء  الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية اليوم الاربعاء 12 فيفري 2020  بمقرّ الاتحاد  اجتماعا مهمّا حضره عدد هام  من أعضائها لتدارس موضوع على غاية الأهمية سواء بالنسبة إليهم  كمعلّبي  الزيوت أو بالنسبة للمواطن الذي يستهلك هذه المادة الأساسية والحيوية في حياته .

وتحدث أعضاء  الغرفة بكل أسف ومرارة عن الوضع  الصعب جدا الذي وصلت إليه مؤسساتهم  وعددها حوالي 45 مصنعا موزعة على كامل تراب الجمهورية . وأكّدوا في هذا  السياق  أنهم باتوا مهددين بالإفلاس في ظلّ توقف العمل من جهة ووجوب أن يفوا بالتزاماتهم تجاه عمالهم وتجاه البنوك  وتجاه المزوّدين وتجاه الدولة ( ضرائب  وضمان اجتماعي  وما إلى  ذلك ) علما بأن مصانعهم متوقفة عن الإنتاج منذ 25 جانفي الماضي . وأوضح أعضاء الغرفة أن الرؤية باتت غامضة وأنهم لا يعرفون بالضبط هل سيستأنفون نشاطهم العادي ومتى أم إنهم قد يجدون أنفسهم في أيّة لحظة مجبرين على إغلاق مصانعهم . وبات أصحاب هذه المصانع اليوم في حيرة حقيقية : هل يدفعون أجور عمّالهم العاطلين إجباريا عن العمل ؟. هل يمتنعون عن ذلك فيخلّون بالتزاماتهم الاجتماعية  علما بأن القطاع يشغّل حوالي 10 آلاف شخص بدأ البعض منهم يتحرّك ويحتجّ لأنهم أي العاملين لا يرون المستقبل بأعين حالمة بل هم أنفسهم لا يعرفون إلى أين المسير ولا يعرفون لأنفسهم أي مصير .

المواطن ضحية في كافة الأحوال

النقطة الثانية أو المحور الثاني الذي أثاره أعضاء الغرفة هو المواطن لذي أصبح منذ سنوات ضحية الضحايا . فالمواطن التونسي الذي ينتمي إلى فئة  واسعة من المجتمع لم يعد قادرا على إيجاد قارورة زيت مدعّم في جهات كثيرة من البلاد . وإذا كان البعض قادرا على اقتناء الزيوت الأخرى فإن الأغلبية الساحقة من التونسيين لا تقدر على ذلك لأن قدرها أن تعاشر الزيت النباتي المدعّم وألّا تنفصل عنه أبدا . وأكّد أعضاء الغرفة جميعا أن غياب الزيت النباتي المدعّم بات ملحوظا وأن الناس البسطاء يتذمّرون من هذا الغياب وقد يتخّذ تذمّرهم واحتجاجهم أشكالا أخرى لا أحد يمكن أن يتنبّأ بها . وفي هذا الإطار أشار أحد الأعضاء إلى خطاب رئيس الجمهورية مؤخرا حيث قال إن الزيت النباتي ( زيت الزوّالي ) موجود ولا وجود لأزمة في هذا القطاع مؤكّدا أن المعلومة التي وصلت إلى الرئيس ليست صحيحة بل مضللة ومغلوطة لأن الحقيقة تقول إن هذا الزيت مفقود وإن هناك أزمة حقيقية في هذا القطاع .

ولم يكتف الحاضرون بهذه المعلومة التي تخص رئيس الجمهورية بل أكّدوا أن الوزارات المتداخلة في هذا القطاع وخاصة وزارة التجارة ما فتئت تروّج  إشاعات لا صحّة لها بعضها يمسّ سلامة الزيت النباتي من خلال ادّعاء البعض أنه يسبب الأمراض للمستهلكين وبعضها يمسّ أهل القطاع بالإدّعاء بأن الزيت موجود لكنّهم  لا يريدون أن يوزّعوه والحال أن أهل المهنة جميعا يعرفون لفائدة من تنشر هذه الإشاعات .

إدارة متعسّفة 

أكّد هؤلاء المهنيّون في اجتماعهم أن وزارة التجارة وتحت غطاء محاربة التهريب والاحتكار وغيرهما أصبحت وزارة متعسّفة  بشكل غير مسبوق . فقد سخّرت كافة إمكاناتها لمتابعة الموزّعين ( وهم حلقة مهمّة في المنظومة كلّها ) وشرعت في تسليط غرامات قاسية جدّا لأبسط الأشياء بالإضافة إلى تحرير المخالفات والمحاضر وسحب بعض الرخص ومثول بعض هؤلاء الموزعين أمام المحاكم إلى درجة أن البعض منهم كره هذه المهنة وتخلّى عنها نهائيا.  وأوضح أعضاء الغرفة أن ذلك يبدو هو المطلوب وأن العملية تبدو مسطّرة وممنهجة لإزالة مادة الزيت المدعّم نهائيا وجعل التونسيين ينسونه تدريجيا لفائدة زيوت أخرى تباع اليوم بأضعاف أضعاف سعر " زيت الزوّالي " ولا أحد يعرف بكم ستباع غدا عندما تحقق بعض الأطراف غاياتها وتقضي نهائيا على الزيت النباتي المدعّم .

لا أحد يملك الحلول غيرنا

أوضح أعضاء الغرفة أن المشكل الرئيسي في هذه الحكاية كلّها أنهم لا يجدون من يسمعهم ويصغي إليهم بشكل جدّي للبحث معا عن الحلول المطلوبة . وأكّدوا في نفس الإطار أنهم وحدهم يملكون الحلول لأن الميدان ميدانهم وهم أكثر الأطراف معرفة وخبرة به . وقد جددوا مرة أخرى الدعوة إلى وزارة التجارة وغيرها من الأطراف المعنيّة للتحاور الجدي من أجل التوصل إلى حلول جذرية ونهائية للقطاع بعيدا عن الحلول الترقيعية وبعيدا عن شيطنة القطاع وأهله دون مبررات بل بعيدا عن التنصّل من المسؤولية وإلقائها جزافا على أهل القطاع .

وفي السياق ذاته حذّر هؤلاء المهنيون من تداعيات فقدان الزيت النباتي المدعّم على السلم الاجتماعية وعلى العاملين في القطاع وعلى ملايين من المواطنين التونسيين الذين لا يقدرون على شراء الزيوت الأخرى . ونظرا إلى أنهم وصلوا إلى " زنقة " حسب تعبير أحدهم فإن الآفاق قد تنعدم أمامهم وقد يجبرهم ذلك على إيقاف الإنتاج ولتتحمّل الدولة والوزارة عندئذ مسؤولية ما سيترتّب عن ذلك . ورغم أن الاجتماع دام أكثر من ثلاث ساعات فقد بدا الحاضرون متشائمين في ما يخصّ مستقبل القطاع إن كان له مستقبل أصلا . وقد قال أحدهم بالحرف الواحد " أعطونا الزيت ولّا  سكّرولنا معاملنا " . واقترح بعضهم أيضا  إمكانية التنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل باعتبار العدد الهام من العاملين في هذا القطاع الذين قد يجدون أنفسهم بعد مدة وجيزة على قائمات العاطلين عن العمل . واقترح البعض الآخر رفض التزوّد بكميّات محدودة ولا تكفي إلا لأسبوع أو أسبوعين طالما أن نية الوزارة غير صافية وأنها تزوّد المصانع بهذه الكميات الصغيرة فقط لإيهام الناس والرأي العام بأن الزيت موجود وأن المصنّعين هم الذين يرفضون توفيره في السوق . وقد اتفق أعضاء الغرفة في النهاية على تعليق التزوّد لمدّة غير معلومة ريثما تصغي الدولة من خلال الوزارة إلى اقتراحاتهم والحلول التي سيقدمونها ويرون أنها عملية وناجعة . وختم الاجتماع بتوزيع وثيقة أثارت استغراب الحاضرين ومفادها أن الدولة كوّنت لجنة فنيّة لمراقبة المصانع والزيت والحال أنه لا المصانع تعمل ولا الزيت موجود . وأكد الحاضرون أنهم طلبوا من الوزارة عشرات المرات بتشديد المراقبة على  كميات كبيرة من الزيت المدعّم  الذي يذهب إلى غير مستحقيه فكانت تتعلّل دائما  بضعف الإمكانات البشرية ... أما عندما يتعلّق الأمر بضرب الموزّعين وتسليط  أقسى العقوبات وأقصاها  عليهم فإن إمكانات الوزارة تصبح متوفّرة ... وفي كافة الأوقات والجهات 

التعليقات

علِّق