بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء : هل يأتي الدور على الهيئة المستقلة للإنتخابات ؟

بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء : هل يأتي الدور على الهيئة المستقلة للإنتخابات ؟

تتسارع التطورات في المشهد السياسي التونسي بعد قرار الرئيس قيس سعيّد القاضي بحلّ المجلس الأعلى للقضاء وما تبعه من ردود فعل محليّة ودولية .

آخر ردود الأفعال صدرت عن الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس ان الولايات المتّحدة تشعر بقلق بالغ إزاء ما دعا إليه الرئيس قيس سعيّد من حلّ للمجلس الأعلى للقضاء وما تناقلته الأخبار عن منع موظّفيه من دخول مقرّه.

واكد برايس أن القضاء المستقلّ دعامة محورية من دعائم كلّ نظام ديمقراطي فعّال وشفّاف ومن الضروري أن تفي الحكومة التونسية بالتزاماتها باحترام استقلال القضاء كما ينصّ على ذلك دستورها.

كما جددت الولايات المتّحدة دعواتها للتعجيل بإطلاق مسار إصلاح سياسي في تونس يستجيب لتطلّعات شعبها وتشارك فيه أطياف متنوّعة تمثّل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات، لا سيما في الاستشارة الوطنية الجارية، ومن شأنه أيضا أن يضمن استمرار احترام حقوق الإنسان لمواطنيها.

كما حثت "في هذا الظرف الدقيق" الحكومة التونسية أيضًا على إيلاء تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة الأولويّة اللازمة من أجل تحقيق استقرار الوضع المالي والتصدّي للتحدّيات الاقتصادية المتزايدة في تونس .

و لقي إعلان الرئيس سعيّد ، دعما من عدد من الأحزاب التي تتهم قطاعات من القضاء بالولاءات الحزبية وبالتستر على ملفات في قضايا مرتبطة بالاغتيالات السياسية.

ومن بين الداعمين لسعيّد ، حراك 25 جويلية الذي دعاه إلى إصدار أمر رئاسي يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء ثم المرور إلى محاسبة القضاة الذي أجرموا في حق الشعب التونسي - وفق تعبيرهم - .

كما دعت قيادات من الحراك إلى إرسال دبابة أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء وغلقه على شاكلة غق مقر البرلمان في 25 جويلية الماضي ، كما طالبوا الرئيس بحلّ الهيئة المستقلة للإنتخابات .

من جهته عبر شقيق شكري بلعيد عبد المجيد بلعيد عن مساندته لقرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بخصوص المجلس الاعلى للقضاء معتبرا أن حل المجلس الأعلى للقضاء لحظة تاريخية .

غير أن قرارات الرئيس خلّفت سخط القضاة في البلاد، وفي مقدمتهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر الذي صرّح بأن رئيس الجمهورية لم يعلن حل المجلس بل قال إنه بات في عداد الماضي مشيرا إلى عدم وجود أي آلية قانونية أو دستورية مشروعة تسمح للرئيس بحل المجلس الأعلى للقضاء.

فيما عبّرت جمعيّة القضاة التونسيين وجمعية القضاة الشبان عن "رفضهما الشديد، كل محاولات المساس بالسلطة القضائية وبالمجلس الأعلى للقضاء من قبل رئيس الجمهورية والتجييش والتهديد والدعوات للعنف ضدّ القضاة وضدّ المجلس وأعضائه".

أما المحامي والقاضي السابق بالمحكمة الإدارية أحمد صواب فقد أكد بأن قرار سعيّد يمثّل وأدا للدستور و اعتداء جسيما على دولة المؤسسات والقضاء مرجحا انطلاق مجموعة من التحركات الاحتجاجية من القضاة الرافضين لهذا القرار الى جانب الحزام المدني والإعلامي لدعم هذه التحركات لمنع الاستحواذ على جميع السلط من طرف رئيس الجمهورية.

كما رفض رئيس مجلس النواب ، المعلق عمله منذ العام الماضي، قرار الرئيس قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء.

وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في بيان نشره على صفحته على فايسبوك وموقع رئاسة مجلس النواب رفضه المس بالمجلس الاعلى للقضاء وتأكيده على أن أي اصلاح لهذا المرفق له أسسه الدستورية وشروطه القانونية.

وعلى نفس الربوة ، وقفت حركة " مواطنون ضد الانقلاب " ، حيث انتقد جوهر بن مبارك القيادي في الحراك قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء .

وقال بن مبارك " لم يكن هذا الفعل الالعقلاني غريبا أو مفاجئا من الانقلاب حتى وان كان من الواضح للجميع ان مثل هذا القرار هو استفزاز للداخل والخارج سيزيده عزلة ووهن وسيدفع الشعب من قوته ثمنا له في النهاية"، مشيرا إلى أنه" هروب آخر الى الأمام من شدة ضيق الخناق الذي يشعر به وكان ذلك واضحا من الأداء الاعتباطي و المشّوش والانقالب بذلك يكشف للجميع في الداخل والخارج عن وجهه الإستبدادي الفوضوي الحقيقي ".

بدوره دعا الرئيس السابق منصف المرزوقي الى عزل الرئيس سعيّد من منصبه وعقد جلسة برلمانية في أقرب الآجال .

وقال المرزوقي في تصريح تلفزي : " نحن أمام رئيس انقلابي يحاول السيطرة على المجلس الأعلى للقضاء في إطار مخطط للعودة للاستبداد البوليسي".

قائمة المعارضين لقرار سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء لازالت تتسع لتشمل عديد الوجوه السياسية وآخرهم الناشط السياسي أحمد نجيب الشابي الذي دعا من وصفهم ب "أصحاب الضمائر الحرة "من نقابيين وصحافيين ومحامين

ويرى عديد المتابعين للشأن السياسي في تونس بأن الرئيس قيس سعيّد سيواصل " التصعيد " مع معارضيه وكل من لهم علاقة بالحكم في السنوات التي عقبت ثورة 14 جانفي .

ويستشفّ من تصريحات سعيّد أو أنصاره وخاصة حراك " 25 جويلية " بأن الرئيس سيمرّر في مرحلة أولى المشروع المتعلق بالصلح الجبائي لرجال الأعمال والذي كان يلقى الصدّ من القضاة ، ثم سيأتي الدور على الهيئة المستقلة للإنتخابات التي تعرّض لها الرئيس قيس سعيّد باللوم والعتاب والإنتقاد خلال تصريحاته أكثر من مرّة وهو يتهمها ب " حشره " ضمن السياسيين الذين ارتكبوا مخالفات في الانتخابات الرئايسية الأخيرة التي جرت سنة 2019 .

كما سبق للرئيس قيس سعيّد أن شكّك في استقلالية هيئة الإنتخابات ، وهو ما نفاه نبيل بفون رئيس الهيئة الذي أكد على استقلالية هيئته وأنها بعيدة عن كل التجاذبات السياسية .

وفي تصريحاتة سابقة لبفون انتقد القرارات الأخيرة للرئيس سعيّد وخاصة الاستشارة الالكترونية حيث صرّح في وقت سابق بأن الانتخابات السابقة لأوانها أو الاستفتاءات لا بد أن تجرى في الإطار القانوني والشرعي .

شكري الشيحي

التعليقات

علِّق