بعد ان أصبحت بلا قيمة : هل يرمي الصحافيون الرياضيون بطاقاتهم في البحر ؟

" هذه البطاقة تعطي حاملها حق الدخول إلى منصات الصحافة والتنقل بحريّة داخل الملاعب الرياضية وقاعات الرياضة التي توجد بها مباريات ...وذلك في كامل تراب الجمهورية ... هذه البطاقة تمنح حاملها حق الدخول إلى مدارج جميع الملاعب والقاعات الرياضية في كامل أنحاء الجمهورية "...
هذه العبارات موجودة على قفا بطاقة " صحفي رياضي محترف " وتأتي إثرها مباشرة العبارة الشهيرة : " الرجاء من السلط المختصة تسهيل مهمة صاحب هذه البطاقة ".
الآن تعالوا ندخل في جوهر الموضوع . فمن الناحية المبدئية والنظرية هذا كلام معقول وليس مطلوبا أو بالأحرى لا يطلب الصحافيون الرياضيون أكثر من هذا . لكن الفرق بين النظريات والواقع كالفرق بين السماء والأرض وذلك بفضل " البدع " التي ما فتئت فرقنا ( الكبرى منها بالخصوص ) تتحفنا بها بين الحين والآخر . وعندما نقول بدعة فإن الذاكرة تعود بنا بضع سنوات إلى الوراء عندما كانت هذه البطاقة تسمح لصاحبها بأداء عمله بالطريقة التي يريد بالرغم من بعض التجاوزات التي كان أهمّها أن تجد منصّة الصحافة ( وخاصة في اللقاءات الكبرى ) مليئة بالغرباء عن الصحافة بينما لا يجد الصحافي ( صاحب الحق ) مكانا له فيها . أما اليوم فلم تعد لهذه البطاقة قيمة تذكر بل ربّما أصبح وجودها وعدم وجودها سواسية نظرا إلى حالة التسيّب العامة في الملاعب وعدم قدرة السلط المعنيّة ( أو عدم رغبتها أحيانا ) على فرض احترام ما جاء من توصيات على الأندية التي أصبحت للأسف أقوى من تلك السلط وتتصرّف بما تمليه عليها أهواء مسؤوليها وليس ما يمليه عليها القانون .
ومنذ أن أصبحت الأندية مسؤولة عن تنظيم مقابلاتها محليّا ودوليّا لم يعد لهذه البطاقة أي معنى . ففي كل لقاء تفرض الأندية على المؤسسات الإعلامية أن تمدّها بقائمة في الصحافيين والمصورين الذين يرغبون في حضور اللقاء وهي ( أي الأندية ) التي تحدد عدد الصحافيين وعدد المصوّرين بالنسبة إلى كل وسيلة إعلام . وهي التي تقوم بإعداء بطاقات خاصة ( بادج ) بكل لقاء ... وطبعا لكم أن تتخيّلوا كيف تتعامل الأندية مع صحافيين أو مصوّرين تعرف أنهم " ليسوا من حزبها " أي أن كافة الأندية تقريبا صارت تتعامل بمنطق : " هذا متاعنا أعطيه ... هذا موش متاعنا ما تعطيهش ".
ورغم تململ الصحافيين والهياكل التي تمثّلهم ... ورغم المطالبات العديدة بمراجعة هذه البدعة فإن أي طرف ممّن بيدهم الحل والربط لم يحرّك ساكنا . وإزاء تواصل هذه المهزلة أصبح الصحافيون الرياضيون يتساءلون : هل علينا اليوم أن نرمي ببطاقاتنا في البحر ثم نشرب ماءها ما دامت لها قيمة لها في عالم لا يحكمه عرف أو قانون ؟. وأمام هذا الوضع أيضا دعا بعض الصحافيين الرياضيين إلى حركات تضامنية بينهم يمكن من خلالها مقاطعة أنشطة كافة الفرق التي تواصل تطبيق هذه الشطحات وترفض تطبيق اللوائح والقوانين . لكن السؤال المفروض : هل يتّحد الصحافيون الرياضيون فعلا من أجل القيام بأي شيء قد يقضي على البعض من العادات السيئة للفرق الكبرى ؟. وفي انتظار ذلك يتساءل هؤلاء الصحافيون : أين الدولة ومؤسساتها في كل هذا الذي يحصل منذ سنوات ؟. أليست رئاسة الحكومة التي تسند لنا البطاقات على علم بأن هذه البطاقات " كي بيها كي بلاش ؟ ".
جمال المالكي
التعليقات
علِّق