بعد استقالة رئيسي الملعب ومستقبل قابس : لا مفرّ من بعث صندوق وطني يموّل كافة الفرق ويقطع مع عادة " نحن أولى "

بعد استقالة  رئيسي الملعب ومستقبل قابس : لا مفرّ من بعث صندوق وطني يموّل كافة الفرق ويقطع مع عادة " نحن أولى "


من المعلوم أن رئيسي الملعب القابسي ومستقبل قابس قدما استقالتيهما يوم أمس الثلاثاء بدعوى  عدم إيفاء المجمع الكيميائي التونسي بوعوده المتمثلة في مبلغ 400 ألف دينار المرصودة لشراء حافلتين "في إطار مبدأ التناظر" علما بأن نجم المتلوي و قوافل قفصة قد تم تمكنهما من هذه المنحة" إضافة إلى عدم تمكين كلا الجمعيتين من المنحة الإستثنائية المقدرة ب250 ألف دينار لكل جمعية مقابل تمكين  فريق نجم المتلوي من مبلغ قدره 500 ألف دينار في الشهر الفارط  . وقد أدّى ذلك  إلى صعوبات ماليّة جمّة  أصبح الفريقان يتخبّطان فيها . وعاب مسؤولو الفرقين  على الرئيس المدير العام للمجمع  " تفضيل " نجم المتلوّي وقوافل قفصة  في خصوص المنح  و" حرمان " فريقي قابس منها عمدا أو لأسباب غامضة  .
وفي الحقيقة ليس الملعب القابسي ومستقبل قابس فقط يعانيان من مشاكل التمويل في تونس . فباستثناء الفرق الأربعة المعروفة التي استطاعت أن تخلق مصادر تمويل خاصة فإن كافة الفرق التونسية تقريبا تعيش في " الهوى سواء " ولا يتميّز بعضها عن البعض الآخر إلا بالصبر . إلا أن الغريب الساري منذ مدّة هو أن مسؤولي الفرق التي حباها الله ببعض الثروات الطبيعية باتوا يعتبرون أن من حقّهم المطلق ودون سواهم أن يأخذوا نصيب فرقهم من عائدات تلك الثروات  وقد نسوا أو تناسوا أنها ثروات وطنيّة وهي من حقّ كافة التونسيين دون أي استثناء .
ودون أن ندخل في تفاصيل قد لا تنفع نشير إلى أن  هذه "  النغمة   " يجب أن تتوقّف وأن يتّجه التفكير كليّا وجديا إلى إيجاد حلول جذرية لمصادر التمويل بالنسبة إلى كافة  الفرق التونسية  التي تنشط في الرابطتين الأولى والثانية   على الأقل . ولعلّنا لا نكشف سرّا عندما نقول إن الفكرة موجودة وقد درستها عدة أطراف خاصة في وزارة الرياضة . وتتمثل الفكرة في إنشاء صندوق وطني لدعم الفرق التونسية تتولى تمويله المؤسسات المنتجة في كافة الجهات على غرار فسفاط قفصة بالحوض المنجمي والمجمع الكيميائي وشركات الغاز والبترول وشركة ستير  بجرزونة  ومعمل السكر بباجة والعديد من الشركات الوطنية الأخرى ... ويتولّى هذا الصندوق تمويل الفرق الرياضية بالحد الأدنى الذي تقدر بواسطته أن  تؤطّر الشباب وأن تفتح مراكز التكوين بشرط أن توضع شروط ومواصفات معيّنة تلتزم بها كافة الفرق على غرار تحديد سقف لأجور اللاعبين والمدربين وحجم الفريق وإشعاعه في جهته وقدرته على استيعاب الشباب  وجملة من المعطيات الأخرى التي تضمن استمرارية هذه الفرق وقدرتها على مواجهة الصعاب  مع إقرار أولويّة بسيطة للفرق التي توجد جغرافيا قرب تلك الشركات .
ويشترط أيضا لتطبيق هذه الفكرة  حسن التصرّف في الفريق وموارد الفريق  فلا مجال عندئذ لانتدابات ( عشوائية أحيانا ) تكلّف الفريق مئات الآلاف من الدنانير  ثم يصبح بعد مدة عاجزا عن الإيفاء بأبسط المتطلبات والالتزامات .  وهذه الفكرة موجودة على سبيل المثال لدى جارتنا الجزائر مع الإختلاف في التطبيق حيث تم في الجزائر منذ عدة أعوام على أن تتولّى الشركات  الكبرى تمويل الفرق الجزائرية  ( كل شركة تتكفّل بفريق )  وكل من استطاع  من مسيرّي تلك الفرق أن يجد مصادر إضافية للتمويل على غرار المستشهرين كان له ذلك . وفي الجزائر أيضا تم تحديد مبالغ الأجور التي لا يمكن تجاوزها بأي  شكل من الأشكال مهما كانت الأسباب والذرائع . والفكرة مطروحة اليوم في بلادنا وهي الوحيدة على الأقل في الوقت الراهن القادرة على تقديم الحلول الجذرية لكافة فرقنا التي تشكو من الفقر 12 شهرا في العام ...
جمال المالكي

التعليقات

علِّق