بعد إصابته بكورونا : عيب أن يظهر التونسيون الشماتة حتى لو كان المصاب " نتانياهو " وليس الغنّوشي
أثار خبر إصابة راشد الغنّوشي بفيروس كورونا تعاليق كثيرة ومختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي ... منها ما يتعاطف معه باعتبار أنه بشر في النهاية وأن التونسيين عند الشدائد متضامنون ... ومنها من يكذّب الخبر ويعتبر أنه يدخل في إطار " سياسة جلب التعاطف " من قبل حركة النهضة من خلال " العزف على الوتر الإنساني " خاصة بعد الشعبية التي بلغت درجات دنيا لراشد الغنوشي في المدة الأخيرة بسبب ما يحصل في البلاد.
ولعلّ ما يثير الانتباه في ردود الفعل كثرة التعاليق الشامتة التي يتمنّى أصحابها الموت لراشد الغنّوشي بهذا المرض اللعين . وبكل صدق فإن هذا عيب كبير لأني أعرف مبدئيّا أن أخلاق التونسي لا تسمح له بإبداء الشماتة في أي كان حتى لو كان المصاب أو أنصاره أظهروا الشماتة ذات يوم في شكري بالعيد أو نجيبة الحمروني أو الحاج محمد البراهمي أو الشاعر الصغير أولاد أحمد... ولا أعتقد أن ردّ الشماتة بمثلها موقف منطقي وصحيح لأنه منطق أعرج في النهاية .
وحتّى لا يفهم كلمي على وجه الخطأ أقول إنني لا أدافع لا عن الغنوشي ولا عن النهضة . فأنا ( مثلما يعرف الكثير عنّي ) أختلف معهما اختلاف الأرض عن السماء وكانت لنا ّ توارخ " منذ أيام الجامعة في سبعينات القرن الماضي . أنا أتمنّى منذ أكثر من 40 عاما أن يزول " الاتجاه الإسلامي " ( النهضة حاليا ) نهائيا من المشهد السياسي في البلاد لكنّي لم أتمنّ يوما الموت أو المرض أو أي ضرر لقياداته التي أعرف الكثير منها منذ ذلك الزمن . اليوم أيضا ما زل على مواقفي تلك وما زلت ضدّا للنهضة وخاصة قياداتها ( وأفرّق جيّدا بين القيادة والقواعد ) وأحمّلها الجزء الأعظم من الدمار الحاصل في البلاد منذ سنة 2011 ... لكن ذلك لا يعطيني الذريعة كي أظهر الشماتة في أي شخص ( من النهضة أو غيرها حتى لو كان ذلك الشخص عبير موسي ذاتها ) لمجرّد أنه أصيب بمرض لا أحد منّا يتحكّم فيه أو يدري متى يصيبه هو شخصيّا.
وعلى هذا الأساس أرجو أن تكفّ حملات الشماتة في راشد الغنوشي الذي يمكن أن نتمنّى له " الزوال " السياسي من المشهد السياسي ... يمكن أن نتمنّى له شرّ هزيمة سياسية ( من خلال الانتخابات طبعا ) وأن نعمل على أن يتحقق ذلك ... يمكن أن نتمنّى له أن يدخل أرشيف التاريخ وأن يتنحّى عن رئاسة الحركة وعن المشهد عموما لكن لا يمكن أبدا من الناحية الأخلاقية أن نتمنّى له عدم الشفاء من إصابة قدّرها له الله وأرادها ... ولا مرادّ لقضائه وقدره.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق