بعد أن رضوا بالترفيع في تعريفات النقل : قمّة الانتهازية والأنانية والمواطن هو الخاسر دائما في النهاية

بعد أن رضوا بالترفيع في تعريفات النقل : قمّة الانتهازية والأنانية والمواطن هو الخاسر دائما في النهاية


في الوقت الذي كان الناس فيه ينتظرون أن تتراجع الحكومة عن مسلسل الزيادة في المحروقات خاصة أن العديد من الأطراف هددت بالإضراب أو غلق الطرقات احتجاجا على الإجراءات المرتجلة للحكومة فوجئ التونسيون باتفاق على الترفيع في تسعيرة النقل غير المنتظم للمسافرين  بما أدى إلى إلغاء  الإضراب . ويبدو أن " المعنيين بالأمر " قبلوا الترفيع في معلوم النقل ( 8 بالمائة تطبّق بداية من جانفي 2020 ) الذي سيتحمّله المواطن في النهاية لأنه بكل بساطة الحلقة الضعيفة في كافة الصراعات بين الحكومة ومختلف القطاعات .
أما الرضا بهذا الإجراء فهو ببساطة أيضا قمّة الانتهازية والأنانية عملا بمبدإ " أخطى راسي واضرب " . فأصحاب سيارات النقل بمختلف أنواعها وإذا استثنينا البعض منهم الذين رفضوا القرار أو الاتفاق أيقنوا أنهم لن يتحمّلوا تبعات الزيادات في أسعار المحروقات  وبالتالي لن يخسروا من جيوبهم أي شيء طالما أن المواطن سيدفع كل شيء .
وأما من الجانب الحكومي فالواضح أن الشاهد وحكومته سيسعيان إلى  اعتماد مقولة " فرّق تسد " من خلال حل المشاكل العامة بشكل قطاعي منفصل أي حل مشكلة هذا بإلقاء العبء على ذاك حيث سيتكبد المسافر لوحده  تسعيرة النقل  الجديدة . وطبعا  فإن صاحب سيارة الأجرة الذي يعتقد أنه انتصر ينسى أن غيره من المهن سيحمله  تبعات  الترفيع في سعر المحروقات . وسيكتوي بنار الغلاء عند إصلاح سيارته وعند تنظيفها وعند استعمالها في غرض شخصي ولكنه سيكتوي أيضا كغيره بغلاء المعيشة ... ولعله  أيضا يفقد عددا  من الحرفاء.
ولا شكّ أن هذا " التشتيت  الممنهج لغضب المستهلك " لا ينجح حين تقوم النقابات بعمل جماعي ومنظم وهنا تكمن قوة التعددية النقابية حيث لا يخضع العمّال إلى ممثل واحد يمكن ابتزازه أو تفضيله بمنطق أخرق يقول إن الحكومة لا تتفاوض إلا مع النقابات الأكثر تمثيلية  أو الضغط عليه . أما إذا  توحدت  المطالَب  من قبل النقابات فإن ذلك يقلص من إمكانية الحلول الترقيعية الأحادية ويفرض حلاّ جماعيا  لأن التعددية هي الحل ضد التشتيت وهذه المفارقة التي لايدركها أو يرفضها أنصار الاتحاد وبعض " الهوليڤانز " وعديد المنتفعين من الأحادية النقابية .
ج - م

التعليقات

علِّق