بعد أن حرّض المزوغي على " الحرب " مع النهضة : تصريح متطرّف لا يجب أن يمرّ دون عقاب ؟

بعد أن حرّض  المزوغي على " الحرب " مع  النهضة :  تصريح  متطرّف   لا يجب أن يمرّ دون عقاب ؟

 

ما زالت تصريحات المحامي الذي " احترف " السياسة صدفة بعد الثورة عبد العزيز المزوغي تثير ردود أفعال مختلفة بعد أن دعا إلى " استئصال الإسلاميين " من المجتمع التونسي وبعد أن أبدى " استعداده للحمل السلاح لمحاربة الإسلاميين ".

ولا شكّ أن هذا التصريح دعوة صريحة للاقتتال بين أفراد الشعب الواحد مهما حاول المزوغي تبرير ما قال . ولا شكّ أيضا أن هذا الكلام لا يليق بشخص يحمل صفة المحامي الذي يفترض أن يكون أوّل من يعرف أن جميع التونسيين متساوون في الحقوق والواجبات وأنه ليس من حق  أحد مطلقا أن يدعو إلى استئصال فئة من التونسيين لمجرّد أنه يختلف معها في الرأي أو العقيدة أو في الفكر.

وعلى هذا الأساس أرى أنه من واجب كل تونسي اليوم أن يندّد بهذه المواقف والتصريحات البغيضة التي تقسّم أفراد الشعب التونسي وتحرّض على التصادم والاقتتال. فالنهضة ومهما اختلف الواحد منّا معها جزء من المجتمع التونسي ولا يمكن " إزاحة " هذا الجزء إلا من خلال الانتخابات . أما مصادرة حق الوجود فهو جريمة يعاقب عليها القانون فما بالكم عندما تصدر عن رجل قانون ؟؟؟.

وليعلم عبد العزيز الموزغي ( وغيره ) أن معارضي النهضة والمختلفين معها كثيرون في هذه البلاد . لكن الكثير من هؤلاء لم يجرؤوا يوما على الدعوة إلى " قتل " جماعة النهضة أو محاربتهم بالسلاح. فإذا كان هناك ضرورة " للحرب " فلتكن حربا فكرية تقارع فيها الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة  بعيدا عن التشنّج والتعصّب الأعمى الذي لا يفيد.

 وبكل تأكيد فإن للنهضة جزءا كبيرا من المسؤولية في ما آلت إليه أوضاع البلاد في هذه العشرية السوداء إلى جانب من حكموا معها طبعا ... وبكل تأكيد أيضا فإن النهضة أو عناصر منها ( علي العريّض والصادق شورو وغيرهما بالخصوص ) كانت خلال فترة " الترويكا " حرّضت علنا على قتل شكري بلعيد ومحمد البراهمي ( وهذا ما حدث بالفعل ) وما إلى ذلك من ممارسات خاطئة لكن هل يبرّر ذلك اليوم لدعوة إلى " محاربة " النهضة أو الإسلاميين عموما ؟.

إن مثل هذه الدعوات مرفوض ومردود على أصحابه  ولا يمكن أن يتبنّاه أو يقبله أي شخص يحمل عقلا راجحا. ولعلّ المؤسف اليوم أن تمرّ هذه التصريحات مرور الكرام ودون ردع يليق بجنس الفعل ودون أن نسجّل مواقف رافضة ومندّدة بها ما عدا القليل على غرار ما صرحت به المحامية سنية الدهماني التي خاطبت المزوغي قائلة : " لا يمكن أن تكون حداثيّا وتدعو إلى الضرب بالكرتوش والكراهية والقتل " معتبرة أن تصريحاته " متطرّفة وغير مقبولة ".

وتبقى في النهاية ملاحظة مهمّة جدّا وهي أن بعض المنابر الإعلامية المشبوهة تقف موقف المتفرّج السلبي إزاء هذه المواقف والتصريحات وأن بعضها يغذّيها ويتظاهر بالحياد . وأعتقد أنه آن الأوان لفرض أن تلتزم كافة وسائل الإعلام بما تمليه أخلاقيات المهنة عسى أن نقطع مع خطابات الحقد والكراهية والتفرقة  والتحريض بين أفراد الشعب الواحد.

وتبقى ملاحظة ثانية أخرى أسوقها للمزوغي وأمثاله : أنا واحد من المعارضين لحركة النهضة وعندي " تاريخ حافل " معها منذ أن كانت تسمّى " الاتجاه الإسلامي " في الجامعة في سبعينات القرن الماضي . واليوم لا أدافع عنها بالذات لأن ذلك لا يمكن أن يحص بل أدافع عن مبادئ ومواقف ثابته لم أتخلّ عنها يوما في حياتي . وبالرغم من خلافاتي " وتاريخي " معها ( والمزوغي يعلم ذلك ذلك جيّدا ) لم أدع يوما إلى استئصالها أو إلى " شنّ الحرب " عليها بأي شكل من الأشكال لأني ببساطة أؤمن بأن " الحرب " الوحيدة هي التفوّق على النهضة بالفكر وصناديق الاقتراع وإيصال من نريد إلى الحكم وليس بالدعوة إلى حمل السلاح لإبعادها .

جمال المالكي

التعليقات

علِّق