بسبب تصريحاته العنصرية : سعيّد يقود تونس إلى العزلة الدولية !

بسبب تصريحاته العنصرية : سعيّد يقود تونس إلى العزلة الدولية !

بقلم شكري الشيحي

صدمة كبيرة في الشارع التونسي ولدى الحقوقيين بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس سعيّد تجاه المهاجرين من جنوب الصحراء والتي حملت في خفاياها أبعادا عنصرية نحن نُدينها ونرفضها بشدة .

حيث دعا سعيّد، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، إلى وضع حد لما قال إنه تدفق "أعداد كبيرة" من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، معتبراً الأمر ترتيباً إجرامياً يهدف لتغيير تركيبة تونس الديمغرافية.

ولم يكن أحد يتوقع رؤية تلك المشاهد الغريبة في تونس، لاجئون أفارقة أمام سفاراتهم ينتظرون إجلاءهم، ومشاعر خوف تسيطر على كثير منهم ظل مختبأ في بيته، واعتداءات على بعضهم، طلبة يقطعون دراستهم في الكليات التونسية، وتونسيون تحت الضغط في دول أفريقية مهددون بالطرد، ومخاوف من مقاطعة السلع التونسية وضرب العلاقات الاقتصادية مع رجال أعمال تونسيين. وفي مطار تونس، طائرات من دول أفريقية جاءت لإعادة أبنائها وكأنها عملية إجلاء من بلد حلت به كارثة طبيعية أو حرب ضارية، على الرغم من أن الوضع في الشارع التونسي لا يستوجب كل هذا الخوف فعلياً، عدا بعض الاعتداءات المتفرقة، بل إن التنديد المدني والشعبي بخطاب سعيّد والتظاهرات المساندة للمهاجرين أكبر بكثير من هذه الأحداث.

ولكن الخطاب الذي خرج به سعيّد غطى على كل شيء، وأثار هذا الخوف الأفريقي، والدولي أيضاً، ووضع تونس في ورطة حقيقية لا أحد يعلم كيف سيكون الخروج منها ومسح آثارها الكثيرة. وسريعاً بدأت ردات الفعل على هذا الخطاب، وسط مخاوف من تداعيات كبيرة، اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، على تونس.

وقد أدى حديث الرئيس التونسي، إلى موجة من التداعيات، وردود الفعل، سواء على المستوى الداخلي التونسي، أو على المستوى الإقليمي، فقد أدان الاتحاد الإفريقي في بيان له، ما جاء في حديث قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، كما دعا دوله الأعضاء عبر البيان إلى "الامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الأذى بأشخاص" .

إدانات لتصريح قيس سعيّد

ودان الاتحاد الأفريقي تصريحات سعيّد، وحذر من "خطاب الكراهية العنصري الذي يمكن أن يسبّب أذى". وردت وزارة الخارجية التونسية بأنها فوجئت ببيان الاتحاد الأفريقي، ورفضت ما وصفته بأنه "اتهامات لا أساس لها" أساءت فهم موقف الحكومة.

كما ذكرت وكالة "رويترز" أن رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس بعث رسالة داخلية للموظفين حول الأحداث الأخيرة في تونس والتي تثير قلقاً عميقاً لمجموعة البنك الدولي وموظفيها، حسب ما جاء في بلاغ رسمي للبنك.

وأكد البنك الدولي أن سلامة المهاجرين والأقليات وإدماجهم يعتبر جزءاً من القيم الأساسية له والمتمثلة في الإدماج والاحترام ومناهضة العنصرية بجميع أشكالها وأنواعها.

كذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الإثنين الماضي، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تصريحات الرئيس التونسي بشأن الهجرة.

والأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأفريقي، تأجيل مؤتمر الشبكة الأفريقية لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة في أفريقيا الذي كان من المقرر عقده في تونس في الفترة من 15 إلى 17 مارس/ آذار الحالي.

وتواترت المواقف الأفريقية الغاضبة من كلام سعيّد. ودعت رئيسة الحكومة السنغالية السابقة، أميناتا توري، الخميس الماضي، إلى تجميد عضوية تونس في مؤسسات الإتحاد الأفريقي، كما طالبت حكومة بلادها إلى توجيه طائرة إلى تونس بسرعة لإجلاء مواطنيها، وطرد السفير التونسي من بلادها.

من جهتها عبّرت واشنطن عن قلقها من وضع المهاجرين الأفارقة بتونس، كما أشارت الأمم المتحدة إلى ما سمته "حالة القمع المتزايدة" التي يتعرضون لها، في حين نفت تونس أي مزاعم بانتهاج سياسة عنصرية تجاه المهاجرين على أراضيها.

وأعرب المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس عن قلق بلاده من تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة وحملات الاعتقال التي استهدفتهم في الأسابيع الماضية.

ودعا برايس في مؤتمر صحفي في واشنطن السلطات التونسية إلى التنسيق مع المنظمات الدولية بشأن العودة الآمنة والطوعية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم.

من جهته، أعرب ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلق المنظمة الدولية إزاء ما وصفها بحملة القمع المتزايدة التي يتعرض لها المهاجرون في تونس. وأكد دوجاريك أن الأمم المتحدة تدين العنصرية وخطاب الكراهية ضد الأجانب.

وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن الشرطة اعتقلت بعد ذلك مئات المهاجرين، في حين طرد أصحاب العقارات المئات من منازلهم بدون مراعاة الإجراءات المتعارف عليها، وسُرّح مئات آخرون من العمل.

في المقابل، أصدرت الرئاسة التونسية مساء الأحد بياناً استغربت فيه اتهامات العنصرية، واتخذت عدداً من القرارات لصالح بعض المهاجرين.

ومن الإجراءات تسليم بطاقات إقامة لمدة سنة للطلبة من البلدان الأفريقية لتسهيل فترة إقامتهم في تونس، وتسهيل عمليات المغادرة الطوعية لمن يرغب في ذلك في إطار منظم وبالتنسيق المسبق مع السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول الأفريقية في تونس.

وبدا أن وزير الخارجية الجديد، نبيل عمار، يحاول عبثاً تفسير هذا الموقف المفاجئ لبلاده، ودفع تهمة العنصرية التي ترددت في أكثر من مكان، إذ قال أمس الأول الإثنين، إنه "من المضحك فعلاً رمي تونس بتهمة العنصرية".

واعتبر أنّ "حقوق حاملي جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء محفوظة، ومن المضحك أن يقولوا إنّ تونس بلد عنصري بعد استقبالها لسنوات مقيمين أو مهاجرين من عدّة جنسيات أجنبية ".

التعليقات

علِّق