باستثناء الصادق بلعيد : مغالطات في مسألة " هيئة البندقية " ... وبرهان بسيّس يحنّ إلى عهد التطبيل والتضليل

ما زالت رحى النقاشات تدور حول ما يعرف باسم " هيئة البندقية " التي أجابت منذ حوالي ثلاثة أيام عن طلب الإستشارة الذي تقدمت به هيئة الحقيقة والكرامة في خصوص مشروع قانون المصالحة الإقتصادية والمالية الذي تقدّم به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي . وقد طلبت هيئة بن سدرين من هيئة البندقية أن تعطي رأيها في مسألة دستورية المشروع أو عدم دستوريته .
وقبل أن تصدر رئاسة الجمهورية بيانا في الغرض أعطت فيها قراءتها لمل توصلت إليه هيئة البندقية سارعت بعض وسائل الإعلام المعروفة إلى التأكيد على أن هذه الهيئة " أنصفت " مشروع القانون وفيها من قال إنها " صفعت هيئة بن سدرين " والحال أن الأمر لا يتعلّق لا بالإنصاف ولا بالصفع .
ودون الدخول في تفاصيل قد لا تجدي أحدا دعونا نعطي وجهة نظر الأستاذ الصادق بلعيد الذي سئل سؤالا موجّها على أساس أن ينحاز إلى مشروع الرئاسة لكنه أجاب بالمنطق الذي يدرّسه فقال إن لجنة البندقية هيئة استشارية تابعة لمجلس أوروبا وليس للإتحاد الأوروبي وهي تهتمّ بكل ما هو ديمقراطية و " دستورسة " وقد طلبت منها بلدان أوروبية وغير أوروبية أن تساعدها على أمور عدّة مثل وضع الدساتير أو المحاكم الدستورية وغيرها .وقال بلعيد إن تقارير هذه اللجنة استشارية ولا تلزم أحدا أي أن الهيئة لا تملك سلطة الإلزام على أحد . وأكثر من هذا أكّد أستاذ القانون الدستوري أن اللجنة التي أعطت موقفها في خصوص مشروع الرئيس هي لجنة فرعية تتكوّن من 3 خبراء وأن الرأي الذي أبدته لا يمكن أن يصبح نهائيا إلا إذا صادقت عليه الجلسة العامة وهي أعلى سلطة في هيئة البندقية . وقال بلعيد أيضا إن اللجنة الثلاثية التي أعطت رأيها " ابتدائيا " أو مؤقتا أقرّت مبدئيا بأن مشروع القانون لا يتعارض مع الدستور إلا أنها أثارت العديد من السلبيات فيه منها تركيبة الهيئة التي اقترحها المشروع للنظر في الملفات المالية لرجال الأعمال والموظفين المعنيين بمشروع القانون . وخلافا لما جاء في المشروع قالت هيئة البندقية إنه من المستحسن تكوين لجنة محايدة باعتبار أن الدولة لا يمكن أن تكون الحكم والخصم في آن واحد .
صحيح أن هيئة البندقية قالت إن المشروع لا يتعارض مع الدستور لكن لماذا هرولت وسائل إعلام بعينها إلى التهليل والتكبير " للحدث " الذي اعتبره بلعيد وغيره حدثا عاديا جدا وليس بدعة تونسية بحتة مثلما حاول برهان بسيّس جاهدا أن يوهم الناس ؟. وخلافا لما قاله برهان وضيفه الدكتور توفيق بوعبشة الذي لم يكن محايدا باعتبار أنه ينتمي إلى نداء تونس قال الأستاذ بلعيد إن ما قامت به هيئة الحقيقة والكرامة ليس سابقة او عيبا بل هوأمر معمول به لدى أعرق الديمقراطيات في العالم . وبالرغم من هذه الحقائق الساطعة وقف برهان بسيّس عند " ويل للمصلّين " في كل الحكاية واكتفي بأمرين اثنين وهما : إبراز أن هيئة البندقية " أنصفت " مشروع الرئاسة وبالتالي إبراز " هزيمة " هيئة الحقيقة والكرامة وبالتحديد هزيمة رئيستها ثم محاولة " توريط " رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة بالقول إنها " استقوت بالأجنبي " مستعينا بالأستاذ بوعشبة الذي جاراه في ما ذهب إليه ولا أظن أنه في قرارة نفسه مقتنع بما قال . ورغم أن الاستاذ وسام السعيدي أوضح له أن كافة الهيئات في العالم يمكن أن تطلب رأي هيئة البندقية دون أن يكون ذلك استقواء بالأجنبي أو مسّا بالسيادة الوطنية طالما أن رأيها استشاري لا غير فقد أصرّ بسيّس على أن بن سدرين استقوت على نظام بلادها بالأجنبي وختم حصته بسؤال فيه الكثير من التهكّم غير المباشر عندما قال للإستاذ بوعبشة : " هل أن الخلاف في نداء تونس ستحملونه أنتم أيضا إلى هيئة البندقية ؟ " ؟؟؟.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق