انهيار الأحزاب التقليدية بعد 25 جويلية.. هل انتهت المعارضة في عهد قيس سعيد ؟

انهيار الأحزاب التقليدية بعد 25 جويلية.. هل  انتهت المعارضة في عهد قيس سعيد ؟

قال القيادي في الحزب الجمهوري وسام الصغير إن انهيار الأحزاب السياسية التقليدية في تونس ما بعد 25 جويلية 2021 يأتي في سياق عالمي يتسم بتهاوي التنظيمات السياسية المهيكلة وصعود التيارات الشعبوية وهو ما يؤشر على أن هذه الأحزاب تشهد أزمة هيكلية وتنظيمية وثقافية. وأكد الصغير، في تصريح ل "الحصري"اليوم الإثنين أن تونس انساقت في مسار هذه الثقافة الاجتماعية الجديدة مما أدى إلى ضعف دور وتأثير الأحزاب التقليدية على الجيل الجديد من شباب العولمة الذي فقد الثقة في هذه الأحزاب ولم يعد يعتقد أنها يمكن أن تمثله.

وأضاف أن الأحزاب التقليدية في تونس جلها قديمة ومن جيل الستينات والسبعينات وبالتالي لم يعد لها أي تأثير على جيل العولمة خاصة في ظل انتشار خطاب التخوين وشعور الشباب التونسي بخيبة الأمل في هذه التنظيمات السياسية التي يحملها الجيل الحالي المسؤولية في عدم نيل فرصته في قيادة البلاد وتحمل المسؤولية. وأوضح وسام الصغير أن الأحزاب التقليدية في تونس تعيش حاليا مرحلة انتقالية وهو السبب المباشر في تفشي منسوب "البهتة العامة" أو "البهتة الجماعية" المخيم على النخب السياسية منذ 25 جويلية.

وشدد الصغير على أن الأحزاب التقليدية في تونس مطالبة بتطوير نفسها وتجديد الياتها لتواكب تحديات المرحلة وتطلعات شباب العولمة، مطالبا في الأثناء الجيل الجديد من الشباب بعدم التقاعس والخمول وافتكاك مكانه في المشهد السياسي. ولفت القيادي في الحزب الجمهوري إلى أن تداعيات ضعف وانهيار الأحزاب التقليدية في تونس بعد تاريخ 25 جويلية 2021 أدى إلى تنامي الشعبوية وبروز التيار القصووي والنزوع نحو الاستبداد، وفق تعبيره.

من جهته، قال محسن النابتي الناطق الرسمي للتيار الشعبي إنه قبل الحديث عن انهيار الأحزاب في تونس يجب علينا أن ندرك ماهي هذه الأحزاب التي انهارت؟ وهل كانت أحزابا أصلا؟ أم هي واجهات ل "المافيا" وشبكات المصالح؟ وأشار النابتي، في تصريح لموقع "الحصري"، إلى أن الأحزاب التي لديها مرجعيات ومشاريع لم تشهد انهيارا بعد 25 جويلية لأنها أصلا تعرضت للتدمير قبل هذا التاريخ ليتم فسح المجال لما أسماه ب "عصابات النهب في الداخل والخارج". وأكد النابتي أن حزب التيار الشعبي لم يتأثر سلبا بتاريخ 25 جويلية، مبينا أنهم وصلوا إلى مرحلة 25 جويلية 2021 وقد تم إنهاكهم من قبل المافيا التي كانت تحكم وتتحكم بالمشهد بواسطة أحزابها وإعلامها لمدة عشر سنوات الأمر الذي بلغ حد اغتيال مؤسس التيار الشعبي الشهيد محمد البراهمي لأن اغتياله كان اغتيال مشروع وفكرة.

وشدد محسن النابتي على أنه يجب الوقوف عند طبيعة هذه الأحزاب وهل كانت أحزابا بالفعل؟ وهل أحزاب مثل أحزاب الرياحي والقروي وتجمع المافيا في النداء وبعده مع الشاهد وهل النهضة التي كانت جماعة هي أحزاب فعلا؟ حتى نتحدث عن انهيار أحزاب؟، بحسب تعبيره. أما مؤسس الحزب الاشتراكي وأمينه العام السابق محمد الكيلاني، فشدد على أن الأحزاب التقليدية قد تشهد فترات ضعف ولكنها لا يمكن أن تندثر لأنها مبينة على إيديولوجيا وعلى أفكار ومشاريع وبرامج ورؤى للبلاد وللعالم.

وأكد الكيلاني، في تصريح ل "الحصري"، أن الأفكار لا تموت وبالتالي فإن الأحزاب التقليدية لا يمكن أن تندثر من المشهد السياسي التونسي. وأشار الكيلاني إلى أن ما حدث منذ تاريخ 25 جويلية 2021 هو افتكاك الرئيس قيس سعيد الفضاء العمومي أي مجال الحريات، والاستيلاء عليه مما ضيق الخناق على هامش تحرك الأحزاب السياسية. وأضاف مؤسس الحزب الاشتراكي أن الزخم السياسي الذي شهدته تونس منذ سقوط نظام بن علي في عام 2011 وإلى غاية 25 جويلية 2021 يعود بالأساس إلى توفر مكسب الحريات الذي أتاح للأحزاب فرصة الفعل والتحرك والتأثير السياسي. وتابع بأن مسك الرئيس قيس سعيد بالمجال العمومي وزحفه التدريجي على مجال الحريات أعاق وأضعف نشاط الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وأربك السياسيين والنخب في البلاد.

وبخصوص بروز أحزاب سياسية جديدة، قال الكيلاني إن هذه الأحزاب بلا أفكار وبلا برامج وخرجت للمشهد "بالمناسبة"، في إشارة إلى مناسبة 25 جويلية 2021، وبالتالي فهي أحزاب مؤقتة ولن تستمر، وفق تعبيره. وأكد محمد الكيلاني أن الأحزاب التقليدية لا يمكن تندثر من المشهد التونسي وستعود بأكثر قوة. بدوره، قال الأمين العام لحركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي إن الأحزاب التقليدية في العالم كله قد تعيش مشاكل وقد تشهد فترات مد وجزر ولكنها لا يمكن أن تندثر. وأضاف البريكي، في تصريح لموقع "الحصري"، أن الأحزاب التي تبنى على أفكار ومبادئ وثوابت تستمر وإن شهدت فترات ضعف ما في فترات معينة. وفي تصريح سابق ل "الحصري"، قال الناشط السياسي والوزير الأسبق محمد عبو إن المشهد السياسي الحالي "غريب الأطوار" خاصة إثر "الانهيار" السريع لأغلب النخب السياسية والإدارية ونخب المجتمع المدني وحتى عموم المواطنين.

وأضاف محمد عبو أن سهولة الانهيار السريع للنخب السياسية والإدارية والمسؤولين الحاليين في الدولة أمام الأمر الواقع أمر محير أثبت عدم وجود مقاومة في مرحلة ما بعد 25 جويلية نقيض وجود مقاومة قبلها بالرغم من سوء الأوضاع وقتئذ". وعلل عبو ما أسماه ب "الانهيار السريع" للنخب التونسية في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 بعدم تغير العقليات وعدم خلق ثقافة جديدة بعد الثورة إضافة إلى شعور التونسيين بنوع من خيبة الأمل، بحسب تقديره.

سنيا البرينصي

 

 

 

التعليقات

علِّق