انضمام تونس للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية :مكسب وجب تدعيمه يفرش لها طريق الحرير...
بقلم ريم بالخذيري
بات واضحا من خلال زيارة الرئيس قيس سعيد الى الصين أنّ بلادنا بصدد تنويع تعاملاتها التجارية وأنّ الامر لم يعد مقتصرا على الشركاء التقليديين .كما بات واضحا أنّ تونس تخلّصت من كل المطبّات السياسية التي كانت تعرقل ذلك .
أولى نتائج الزيارة هي اعلان البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية عن إستكمال الجمهورية التونسية لكافة تراتيب وشروط الانضمام الفعلي إلى هذا البنك لتصبح بذلك العضو رقم 90 فيه.
وهو مكسب مهمّ بحكم أنّ الصين تعدّ واقعيا القوة الاقتصادية الأولى وهي تخطط لتعزيز وجودها في شمال افريقيا انطلاقا من تونس وقطع الطريق نهائيا على عودة فرنسا ومن خلالها أوروبا الى السيطرة الاقتصادية على افريقيا .
وقبلها انضمّت تونس في فيفري 2024 الى نظام الدفع و التسوية الافريقي وهو ما يمكّن من تطوير التجارة مع شركاء جدد في افريقيا .كما أن بلادنا عضو مهم في البنك الافريقي للتنمية و قد احتضنت مقرّه لسنوات.
مثل هذه البنوك و المؤسسات الدولية تعدّ شريان مهمّا للاقتصاد و خاصة للبنية التحتية و بالتالي فوجود تونس في هذا البنك الصيني الآسيوي سيجعل من بلادنا ضمن أولويات هذه المشاريع التي ينجزها و يموّلها وهي فرصة مهمة خاصة بعد انحسار الميزانية المخصصة للتنمية بشكل كبير وعدم التجديد في البنية التحتية سواء فيما يخص الطرقات أو الجسور أوالمنشآت الرياضية و الثقافية .
ويندرج إنشاء هذا البنك الذي أنشأ سنة 2014 في إطار إستراتيجية "طريق الحرير" التي أقرّتها الصين الشعبية، الرامية إلى دفع التنمية في عديد البلدان في العالم من خلال بناء شراكات اقتصادية والمساهمة في تمويل مشاريع إستثمارية كبرى خاصّة في مجالات، البنية التحتية والطاقة والبيئة والنقل والمجالات الحيوية الأخرى الداعمة للتنمية المستدامة.
ومعلوم أن تونس بموقعها الجغرافي(نقطة ربط بين افريقيا و آسيا مع أوروبا وتمتلك سواحل طويلة يمكن انشاء أكثر من ميناء تجاري فيها للتصدير و التوريد) تعدّ شريانا مهما لطريق الحرير الذي انضمت له بلادنا منذ جويلية 2018 ضمن مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين ".
وطريق الحرير هو عبارة على مجموعة كبيرة من المشاريع من إقامة شبكة من السكك الحديدية والطرق السيارة السريعة، ومدّ أنابيب غاز ونفط، وإنشاء شبكات كهرباء وإنترنت، وإحداث طرق ملاحة بحرية، وتطوير بنى تحتية في وسط آسيا وغربها وجنوبها بما يمكّن من تعزيز الربط بين الصين والقارة الآسيوية من ناحية وبين قارّتي أوروبا وإفريقيا من ناحية أخرى.
وبالتالي فتطوير علاقتنا بالصين لن يضعف شراكاتنا التقليدية مع أوروبا انّما سيعزّزها وفق ثوابت جديدة تقوم على المصلحة المشتركة و التجارة البينية وبميزان تجاري غير مختل.
فكل الدول النامية تسعى اليوم الى انجاز شراكات مع التنين الصيني و الذي بات تمدّده واضحا و أمرا واقعا في افريقيا .
وقد قفزت استثمارات الصين في إفريقيا بنحو 114 في المائة العام الماضي، وفقاً لمعهد جريفيث آسيا بجامعة الأسترالية، وشملت الاستثمارات .
وقدر المعهد إجمالي أنشطة الصين في إفريقيا وهي عبارة عن مزيج من عقود البناء والتزامات الاستثمار بنحو 21.7 مليار دولار في عام 2023، ما يجعل القارة أكبر متلقٍ إقليمي لمخصصات من بكين.
كما بلغت الاستثمارات نحو 11 مليار دولار في نفس العام، وهو أعلى مستوى منذ أن بدأ المعهد تتبع النشاط الاقتصادي الصيني في إفريقيا في عام 2005.
وتعد الصين رابع شريك تجاري لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في عام 2023 حوالي 10 مليارات دولار. وهي كذلك مصدر للاستثمار الأجنبي حيث بلغ حجم الاستثمارات الصينية في البلاد حوالي 4 مليارات دولار.
وهي أرقام وجب تطويرها في الاتجاهين وهذا ما تسعى له زيارة الرئيس سعيد الى الصين .
التعليقات
علِّق