انتخابات جامعة كرة اليد : على آفاق تونس ونداء تونس أن يختارا لنائبيهما فإمّا السياسة وإما الكرة

انتخابات جامعة كرة اليد : على آفاق تونس ونداء تونس أن يختارا لنائبيهما  فإمّا السياسة وإما الكرة

 

لم يبق الكثير على إجراء انتخابات الجامعة التونسية  لكرة اليد وقد بلغ  الصراع بين قائمة الرئيس الحالي مراد المستيري وقائمة رئيس الجامعة سابقا كريم الهلالي  أشدّه . وبما أن رياضة كرة اليد ما زالت سليمة نوعا ما من " الأمراض المزمنة " التي أصابت  بعض الرياضات الأخرى وأهمها كرة القدم  فإن الإعتقاد  السائد اليوم  في ظل ما يحدث في كواليس هذه الانتخابات أن كرة اليد  قد تلتحق بركب الفوضوى والإرتجال وهي الرياضة التي حصدت العديد من الألقاب على المستويين القاري والدولي وأدخلت الفرح على قلوب ملايين من التونسيين .
ولعل من المفارقات العجيبة في كرة اليد التونسية أنها أنجبت لاعبين عمالقة على مرّ الأجيال وفيهم من يحمل في جرابه مستوى تعليميّا رفيعا وخبرة تمتد على عشرات السنين ومع ذلك ظلّت أغلبيتهم الساحقة بعيدة عن أسوار الجامعة  وحرمت بالتالي هذه الرياضة من الاستفادة منهم طيلة عقود من الزمن . وفي المقابل يرى الكثير من متابعي رياضة كرة اليد أن القائمتين المترشّحتين  لا تضمّان كفاءات حقيقية قي كرة اليد لأن الكفاءة أو الخبرة في التسيير الإداري التي تتوفر في بعض العناصر في هذه القائمة أو تلك لا تكفي وحدها  للنهوض بهذه الرياضة التي بدأت تتراجع  بدليل النتائج الهزيلة جدا في الألعاب الأولمبية الأخيرة . وأخطر من هذا بكثير فإن الصراع الإنتحابي  بدأ يتحوّل إلى صراع  حزبي وسياسي  بين القائمتين المتنافستين . ولعلّ جميعنا ما زال يذكر أن كريم الهلالي كان قد استقال من رئاسة الجامعة في وقت ما بمحض إرادته  كي يتفرّغ إلى ممارسة السياسة  نائبا عن حزب آفاق تونس وهذا من حقه المطلق طبعا . إلا أن النائب المحترم شدّه الحنين من جديد إلى أجواء جامعة كرة اليد فأعدّ قائمة  سيدخل بها الانتحابات منافسا لقائمة الرئيس الحالي للجامعة مراد المستيري . ومع أننا لا نناقش حق الهلالي في الترشّح وفي رئاسة الجامعة لو فازت قائمته فإن ما لم يعد مقبولا هو أن يقع توظيف السياسة في الرياضة أي أن النائب المذكور دخل الانتخابات مسنودا من حزبه والمتعاطفين مع حزبه بما قد يؤثّر على أجواء الانتخابات ويفقدها مصداقيتها . وقد كان على الهلالي أن يحسم أمره وأن يختار بين أمرين اثنين لا ثالث لهما : إما التفرّغ للعمل السياسي مثلما فعل سابقا وإما التفرّغ للرياضة  وبالتالي الاستقالة من الحزب الذي ينشط فيه . أما الجمع بين هذين المجالين فهو من قبيل تداخل المهام  وإدخال الرياضة في السياسة  وهذا مرفوض من حيث المبدأ ومن حيث الممارسة على حد السواء .
وعندما ننبّه إلى هذا التداخل  فلأن خطر دمج الرياضة في السياسة  واضح وجليّ قبل هذه الانتخابات . فقد عملت القائمة المنافسة للهلالي أي قائمة المستيري  على معادلة الكفّة من الناحية السياسية  وذلك من خلال استقطاب رئيس الاتحاد الرياضي التميمي حسام بوننّي وهو نائب بمجلس نواب الشعب عن نداء تونس . وهذا الوضع الغريب لخّصه أحد المهتمين بكرة اليد بالقول : " إننا سنشهد صراعا حزبيا وسياسيا  في جامعة كرة اليد " . وبما أن الأمس القريب ليس بعيدا جدا ولم يمح بعد من الذاكرة  فإننا لا نريد غدا أن يحمل لاعبو كرة اليد على أقمصتهم  شعارات سياسية  على غرار " كلّنا مع كريم الهلالي في 2019 " أو كلّنا مع النداء 2019 " مثلما كان يحدث  قي عهد " المرحوم "  عندما  أجبرت الرياضة على المساهمة في " القفّة السياسية " فصرنا لا نكاد نرى فريقا في  كرة القدم بالخصوص ينزل إلى الميدان  وليس على أقمصة لاعبيه " كلّنا مع بن علي 2009 " أو كلّنا مع بن علي 2014 " ...
وأمام هذا الوضع الخطير الذي يتربّص بكرة اليد وحتى تبقى هذه الرياضة نظيفة فلا تعصف بها الأهواء والأنواء السياسية  يجب على كافة الفاعلين في هذه البلاد أن يمنعوا هذا الزواج العرفي المنتظر بين الرياضة والسياسة  ... حتى لا تكون الكارثة .
جمال المالكي 

التعليقات

علِّق