اليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان

تمرّ اليوم ثلاث وسبعون سنة على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وكان مواصلة لجملة من إعلانات ومواثيق سابقة سعت من خلالها البشرية إلى تحقيق حدّ أدنى من الحقوق لشرائح مختلفة من المجتمعات. ثمّ أسس الإعلان العالمي لجملة من الحقوق سيتم ترجمتها في ميثاق الأمم المتحدة وفي تتالي عدد كبير من الاتفاقيات والعهود والبروتوكولات الدولية العامة ذات الصلة بالحريات السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، أو الخاصة ذات العلاقة بفئات اجتماعية بعينها مثل المرأة والطفولة والمهجرين وغيرها من التي تعيش حالة تهميش دائم أو وقتي. وقد تعزّز كل ذلك بصدور مواثيق إقليمية وكذلك بتركيز هياكل ومؤسسات دولية ترصد وضع حقوق الإنسان العامة والخاصة في مختلف البلدان وتبذل جهودا مضنية لنشر ثقافة حقوق الإنسان.
وإذ تشارك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المدافعين في كل أرجاء المعمورة عن مختلف الحقوق الاحتفال بهذه الذكرى وتُكبر إصرار من يقوم بذلك في بلدان تعيش استبدادا يوميا وتعبّر عن مطلق تضامنها مع ضحايا الانتهاكات، فإنها تستثمر المناسبة للتأكيد على ما يلي:
- على المستوى الدُّولي والأممي : رغم الأثر الإيجابي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المواثيق على تفعيل جملة من الحريات والحقوق على مستوى واسع فإنّ ذلك لا ينفي تواصل التجاوزات اليومية لتلك الحقوق في كثير من بلدان العالم والتي ترقى في حالات عديدة إلى جرائم ضد البشرية كما يجري في فلسطين المحتلة واليمن وسوريا وأفغانستان. ومازالت منظمة الأمم المتحدة عاجزة عن فرض الكثير من قراراتها ذات الصلة بحقوق بعض الشعوب بسبب مواقف الدول التي تحتكر الفيتو في مجلسها، ويتزامن كلّ ذلك مع احتداد نسب الفقر في العالم وتفاوت قدرات الشعوب على التنمية المستديمة ومواجهة الجوائح الطبيعية والصحية، وتواصل تهميش شرائح مجتمعية مختلفة واحتداد ظاهرة الهجرة واللجوء... وهو ما يؤكّد التحديات المطروحة على المدافعين عن حقوق الإنسان في مفهومها الشامل وغير القابل للتجزئة.
- داخليا، إذ تسجل الرابطة التضحيات التي قدمها التونسيون، وفي مقدمتهم الأجيال المتعاقبة من المدافعين عن حقوق الإنسان، فيما تحقّق من مكاسب في مستوى الحريات العامة والخاصة خلال المدة السابقة ومنها القانون الشامل للقضاء على جميع أشكال العنف ضدّ المرأة والقانون المناهض للتمييز العنصري والحيّز الواسع من حرية الإعلام وحق التنظيم والتظاهر، فهذا لا يخفي استمرار المخاطر التي تهدّد تلك المكاسب.
وكانت الرابطة قد حمّلت المسؤولية الأولى في السابق إلى مختلف الحكومات التي تتالت على السلطة خلال العشرية السابقة بما أنّها لم تكن وفية للطموحات الشعبية الواسعة والتي تمّ التعبير عنها خلال ثورة 2010/ 2011، ونبّهت إلى خطورة البطء في تركيز المؤسسات الدستورية وتواصل ممارسات التعذيب واستشراء الفساد... وقد جدّدت هذا المواقف بعد الإجراءات الرئاسية يوم 25 جويلية 2021، واعتبرت تلك الإجراءات نتيجة منطقية لفشل المنظومة السابقة مُطالبة أن تكون تلك الإجراءات وقتية تتلوها ولا تمسّ من جوهر الدولة المدنية.
وبعد مضيّ قرابة خمسة أشهر، وما يُلاحظ من تواصل الإجراءات الاستثنائية ومركزة تامة لكل السلط بيد الرئاسة والتي تعزّزت بمراسيم 22 سبتمبر التي تجعل الرئيس مصدر مراسيم غير قابلة للطعن، وبسبب غياب مؤشرات واقعية عن تشريك مختلف مكونات المشهد السياسي والمدني، فإنّ الرابطة :
- تعبّر عن انشغالها مما قد يمسّ من جوهر الدولة المدنية التي تقوم على فصل حقيقي للسلطات.
- تنبّه إلى خطورة المساس بالحريات الخاصة والعامة.
- تدعو إلى التسريع بوضع حدّ للإجراءات الاستثنائية وتحديد معالم الحياة السياسية في المدة القادمة في إطار رؤية تشاركية
التعليقات
علِّق