الى متى ستظلّ الدولة عاجزة عن التكفل بعائلات شهداء الوطن ؟

 الى متى ستظلّ الدولة عاجزة عن التكفل بعائلات شهداء الوطن ؟

الحصري - مقال رأي

لم يعد يخفى على أحد أن الشهداء الذين قدّموا أرواحهم فداء للوطن من أمن وحرس وطنيين  وجيش وطني هم من الطبقات المعوزة إن لم نقل الفقيرة جدا وأن أغلبهم إن لم يكونوا كلّهم يعملون من أجل توفير القوت اليومي لعائلاتهم التي لا سند لها سواهم . ولا أحد يمكن أن يشك في أن هؤلاء الشهداء ماتوا من أجل أن نحيا وأن نحلم بالحرية والديمقراطية وأنهم قدّموا لنا وللوطن أقصى وأغلى ما يمكن للإنسان أن يقدمه : دمه وروحه ...
ورغم كل ما بذلوه فإنهم قوبلوا بالجحود والنكران ... إن لم يكونوا كلهم فأعلبهم على الأقل . وما زالت عائلاتهم إلى اليوم تناشد السلطة أن تتدخل لتسوية الوضعيات الإجتماعية  الصعبة التي ترتّبت عن استشهادهم . ولعل ما يحزّ في أنفس كافة التونسيين الذين لا يملكون سلطة القرار على الأقل  أن الدولة أظهرت تباطؤا لا مثيل له في التعامل مع ملفات شهداء الوطن . وليس هذا فحسب إذ بدت عاجزة أيضا وبكل وضوح عن التكفّل بعائلات هؤلاء الشهداء وعددها لا نعتقد أنه يزيد بكثير عن 100 عائلة . ولعل من مظاهر عجزها أنها إلى اليوم لم تسارع بتنقيح القانون الأساسي للأمنيين والعسكريين ... هذا القانون الذي لا ينصّ على التعويضات التي يجب أن تبذل لعائلات كل من يموت منهم شهيدا كان أم إثر حادث شغل أو لأي سبب يتعلق بالعمل . وحتى التعويضات الوقتية والتكفل الوقتي بهذه العائلات في انتظار أن تتم مراجعة القانون الأساسي  فإنها لم تتمّ وكأنّ الدولة ستعلن إفلاسها لو أنها ساعدت عائلات  شهداء الوطن رغم أن هذه المساعدة حق وليست مزيّة من أحد ...
وعندما نعلم بأن رجل أعمال ليبيّا تدخّل في برنامج إذاعي ليقدّم مساعدة مالية هامة لعائلة الشهيد أيمن مرجان ويعد بالتكفل بعلاج شقيقه بعد أن اشتكت والدتهما من " إهمال الدولة "  فإننا نفرح للمساعدة لكننا نشعر بالألم  والخجل والعار في آن واحد لأن دولتنا التي من المفروض أن ترعى عائلة أيمن وغير أيمن عاجزة عن توفير الكرامة لعائلات قدّمت أبناءها قربانا للوطن ... وإذا كان ملف شهداء الثورة وجرحاها " فيه وعليه "  ولم يحسم إلى اليوم باعتبار أنه خضع إلى المزايدات والتجاذبات السياسية فماذا  نقول عن شهداء لا يختلف إثنان في هذه البلاد على أنهم ماتوا من أجلنا ومن أجل البلاد ؟
إنها دعوة نرفعها عالية لتحفظ الدولة ماء الوجه ...  فقد ابتلعنا السكين بدمها عندما تكفلت دول أخرى بمعالجة البعض من جرحى الثورة ودولتنا " على قيد الحياة " ... لكن لم يعد مقبولا أن تتواصل  " الصدقات " على عائلات الشهداء  من الخارج ودولتنا ما زالت أيضا " على قيد الحياة " ...
 
جمال المالكي

التعليقات

علِّق