"القانون عدد 38" : هل يعصف بتحوّل 25 جويلية أم يقوّيه؟ !

"القانون عدد 38" : هل يعصف بتحوّل 25 جويلية أم يقوّيه؟ !

بقلم : ريم بالخذيري  

لا حديث في تونس منذ ثلاثة أيام سوى عن القانون 38 الذي قال رئيس الجمهورية انه لن ينفّذ وهو من قبيل بيع الأوهام لآلاف المعطّلين عن العمل. وقد قطع الرئيس حبل أمل هؤلاء في التشغيل العمومي إلى الأبد خاصة إذا ما عرفنا أن أغليهم تجازوا سن الأربعين ومنهم ناهز الخمس وأربعين، والجدل الذي فجّر الرئيس كان هو من أمضى على هذا القانون وأمر بنشره في الرائد الرسمي منذ شهر أوت 2020 وذلك بعد مصادقة مجلس نواب الشعب عليه بمبادرة من حركة الشعب الحزب الأقرب لسعيّد حسب ما يترائ من مواقف قيادييها وبياناتها المعلنة، وهي أيضا من أصدرت بلاغا يتضمن استنكارها واستهجانها لهذا التراجع الفجئي والغير مدروس من الرئيس. ما يحيل قطعا لسحب حركة الشعب لدعمها وخسارة سعيّد آخر القلاع الخلفية للتحول المبارك . خصوصا وان داعميه في تراجع مطّرد، ولم يعد له من مساندين للمسار غير بعض الصفحات الفايسبوكية التي لا تزال طامعة في القرب من السلطة فتراها تتحدث باسم الشعب وتسبح باسم الزعيم.

وبعيدا عن هذا الجدل وقبل تحليل تداعياته لابد من التذكير بحيثيات صياغة هذا المشروع وتحوّله لقانون قبل أن يتمّ التراجع عنه. فالقانون 38 يسمى قانون الاحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي على الانتداب المباشر والذي ينص على أن يتم على دفعات سنوية متتالية للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا والذين قضوا فترة بطالة لمدة 10 سنوات فأكثر والمسجلين بمكاتب التشغيل. ويشمل هذا القانون المعطّلين عن العمل الذين طالت فترة بطالتهم أكثر من عشر سنوات أو الذين بلغوا الـ35 سنة ولم يقضوا 10 سنوات بطالة أو بالنسبة لتشغيل فرد من كل عائلة جميع أفرادها عاطلون عن العمل، وذوي الإعاقة بالترفيع في نسبة انتدابهم من 2 إلى 5 بالمائة". والامر الموحش في قرار الرئيس سعيد انه تجاهل إمضاءه لذات القانون واذن بنشره بالرائد الرسمي ليتم اعتماده كقانون دولة مستوفي الاركان وواجب العمل به.

ولا ننسى ان مجلس نواب الشعب قد صادق عليه بجلسة يوم 29جويلية 2020 بنسبة كبيرة 159 بنعم و 18 فقط محتفظ وبدون رفض. حينها لم نرى على قسمات الرئيس اي امتعاض ولا تردد كما هو الحال مع قوانين أخرى أشهرها قانون المحكمة الدستورية الذي رفض امضاءه صراحة وعلنا وهو ما، وهذا في حد ذاته أوحى بأنه مقتنع به وقابل بأحكامه، لكن ما الذي حصل حتى يتراجع الرئيس؟ تراجع الرئيس اعتبره كثير من السياسيين وشريحة كبيرة من التونسيين غير مقبول مهما كانت المبررات حيث أن العرف في تونس يؤكد تطبيق أي قانون يصدر في الرائد الرسمي.

لكن البعض من أنصار الرّئيس تبنوا تبريره ودافعوا عليه بشراسة ووقاحة غير معهودة معتبرين كما خطب الرئيس أن ذلك القانون هو من قبيل بيع الأوهام للتونسيين وغير قابل للتنفيذ وهي حقيقة يقرّ بها حتى خصوم الرئيس ذاته، وخطوة رفضها البنك الدولي الممول الاول للميزانية والذي يقايض قروضه بشرط التحكم في كتلة أجور الوظيفة العمومية. لكن في الضفة الاخرى وما يعيبه عنه المشمولين بذلك القانون و عائلاتهم والكثير من السياسيين هو أنه ليس من حق الرئيس التراجع على قانون سبق إمضاءه ورتب حقوقا لفئة مسحوقة جاء هذا القانون كبارقة أمل ان لم لم يكن اخر الفرص الضائعة للعمل داخل المنظومة، وان مجرد صدوره بالجريدة الرسمية اصبغ عليه صيغة النفاذ والالزامية ككل قوانين الدولة. بينما برّر البعض الاخر أن سعيّد اصطدم بالواقع وبإكراهات الحكم الذي يمارسه اليوم و فضّل التراجع على قانون أمضاه بدل التورّط في تبعاته الوخيمة على الاقتصاد داخليا والارتهانات المالية دوليا. أما المغالين في المعارضة فيرون أن سعيد حينما أمضى القانون لم يكن في ذهنه اجراءات 25 جويلية .

التعليقات

علِّق