الغنوشي : " أجدد دعوتي الى حل الخلافات بالحوار في إطار روح الوحدة الوطنية "
ألقى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي كلمة خلال حفل التكريم المقام بمناسبة حصوله على جائزة جمنالال بجاج الهندية .
وفي ما يلي الكلمة الكاملة :
" بِسم الله الرحمان الرحيم
اصحاب السعادة والمعالي
السيدات والسادة
اخواني اخواتي ابناء وبنات حركة النهضة
أشكركم على حضور هذا الموكب احتفاء بجائزة غاندي التي تسلمناها منذ ايام في الهند من مؤسسة .... وهو تكريم للنموذج التونسي الذي شاركنا كل من موقعه في نحت معالمه، والحفاظ عليه وسط الرياح العاتية التي اقتلعت اغلب أشجار الربيع العربي.
غاندي هو من رمز من رموز المقاومة . مقاومة الاستعمار والظلم واستغلال البشر. ولكنها مقاومة سلمية حضارية نبذت العنف والتطرف . قهرت غطرسة القوة وبطش السلاح بالدعوة السلمية الى التغيير والتطوير.
وهكذا راينا الثورة التونسية . ثورة سلمية تنبذ العنف والحقد والكراهية، خاصة وان خلافنا ليس مع عدو خارجي بل مع ابناء وطن فيهم من كان يتصور ان تونس ليست ملكا لابنائها بل للنظام الذي يحكمها.
معركتنا الاساسية حضرات السيدات والسادة، بعد انهيار النظام البائد لم تكن معركة الثار والانتقام والتشفي بل معركة ضد عودة الاستبداد وضد دعوات الفوضى وتقسيم المجتمع وضد الاٍرهاب الذي أراد اجهاض تجربتناباعتبارها خطرا على أيديولوجيته المجرمة المنحرفة والتي نجحت للأسف في التلاعب بعقول كثير من الشباب المغرر بهم بشعارات مضللة لا علاقة لها بالإسلام ، او بغيره من الأديان.
وهذه مناسبة لأجدد الترحم على كل شهداء تونس الذين استشهدوا برصاص الاٍرهاب الغادر. ونتذكر ابناءنا شهداء الامن الرئاسي الذي استشهدوا في مثل هذا اليوم في السنة الماضية، بالرحمة والدعاء وتجديد العهد والوعد بن دماءهم ودماء بقية الشهداء ستقضي على الاٍرهاب وتهزم مخططاته الجبانة.
وانا أتسلم هذه الجائزة، حضرات السيدات والسادة، وحين شاهدت الرباعي الراعي للحوار يتسلم جائزة نوبل للسلام، تذكرت تلك اللحظات العصيبة التي مرت بها ثورتنا فازداد قناعة التوافق ونبذ الاحقاد ومد الايدي لبعضنا البعض، وجعل الوطن كما يقول صديقي فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي فوق الاحزاب، هو الوصفة السحرية التي يمكن ان نقضي بها الاستبداد.
ازداد قناعة بان الحل في المصالحة الوطنية ونبذ منطق الاقصاء والعزل وتطهير جروح الماضي حتى نتقدم للمستقبل متخففين من الثارات والاحقاد.
ولا شك في ان انطلاق جلسات الاستماع لضحايا الاستبداد في إطار العدالة الانتقالية خطوة تاريخية في هذا الاتجاه. تونسيون وتونسيات يعيدون كتابة تاريخ الدكتاتورية بلا تزويق ولا مساحيق ولا شعارات ديماغوجية، بعد أن جثمت على الصدور عقودا ولم تسلم من شرها عائلة سياسية من اليوسفيين الى اليساريين الى القوميين الى الإسلاميين الذين تعرضوا الى محرقة بأتم معنى الكلمة.
نحن كما قلت ذلك مرارا لسنا طلاب ثأر وانتقام، ولا عشاق سلطة وكراس. ولذلك ادعو كل من تورط في الانتهاكات البغيضة الى الاعتراف والاعتذار وطي الصفحة فتونس تحتاج كل ابنائها وسفينة تونس كما نراها لا تلقي احدا من ابنائها في البحر.
وإني بهذه المناسبة ادعو بحرارة الى مزيد الالتفاف حول حكومة السيد يوسف الشاهد وتفهم الظروف التي حفت بإعداد ميزانية لا خيار فيها الا بين التقشف او بعض القرارات المؤلمة. واجدد دعوتي الى حل الخلافات بالحوار في إطار روح الوحدة الوطنية . ولا يفوتني هنا توجيه الدعوة الى إنجاح مؤتمر الاستثمار ونحن نتطلع الى حضور قوي وفاعل لأصدقاء تونس وكل المعنيين بالاستثمار في الديمقراطية الذي أظهرت التجارب انه اقل كلفة من الاستثمار في الدكتاتورية وأكثر فائدة في احلال الامن والسلم في العالم.
ولا يفوتني في الختام ان اتوجه بالشكر الى السيد .... سفير دولة الهند ومن خلال الى اكبر ديمقراطية في العالم راجيا مزيد التدعيم لعلاقات بلدينا التاريخية.
ولأبنائي وبناتي في النهضة أقول حق لكم ان تفخروا بدوركم في إنجاح ثورتكم والحفاظ عليها وفي شق طريق التكامل بين الاسلام والديمقراطية وفي التصدي لمقولات العنف والفتنة والتشدد
وللتونسيين والتونسيات أقول ، كل تكريم نحصل عليه هو ثمرة كفاح هذا الشعب من اجل حريته وثورته وديمقراطيته . هذا الشعب الذي حطم بعزيمته القيود والأغلال وواجه دعاة الفتنة والتقسيم ويتقدم بوطنه الغالي منيعا حصينا آمنا نحو مستقبل التنمية والرفاه والتقدم.
وفقنا الله عز وجل لما يحب ويرضى .
قال تعالى " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
التعليقات
علِّق