العولمة والديمقراطيه

العولمة والديمقراطيه


أن أهم مخرجات العولمة هي ذات منحى اقتصادي متشكلة ضمن شركات متعددة الجنسيات وبنوك ومصارف تمويل عالمية تمثل اسنان الحربة في عولمة الاقتصاد وضم الأسواق والهيمنة على الثروات..
اليوم تتفحص بدقة اكثر الواجهة الثانية لعملية الاكتساح العالمية وهي الديمقراطية..
أن الديمقراطية تمثل من هذه الزاوية الذراع الأخرى لاقتحام مجال الدول عبر التنظيمات السياسية من أحزاب وجمعيات تحاول العولمة من خلالها اظهار نفسها داعمة الحريات وحقوق الإنسان في العالم بغض النظر عن العنصر والعرق والجهة...وهذا كلام فارغ عندما يتبين لنا فيما بعد نتيجة الدمار الهائل الذي تخلفه الدعوات للديمقراطية عندما تؤول إلى زعزعة استقرار الشعوب..
نعم في الحقيقة لا بد الشعوب أن تتطور نحو الأفضل والثبوت لا يدعم التطور والتغيير ولكن لابد للديمقراطية لكي تنجح في ترميم البنيان السياسي للدول لا بد أن يقع قبلها تأهيل الشعوب والناس والمجموعات إلى قبول الاختلاف والتداخل السلمي على السلطة وتاسيس مبدأ حرية الاختيار بمعزل عن التأثيرات الطبقية والاجتماعية والعرقية ..بالعكس من ذلك نجد أن في مجتمعاتنا لم تنجح الدعوات للديمقراطية لأنها عندما جاءت من الخارج لم تكن صادقة وانما كانت انتهازية وعلى ظهور مرتزقة وقع الدستور بهم في أتون حروب قيل إنها لإسقاط دكتاتور عربي مثلا ما حصل في العراق بينما كانت الأسباب الحقيقية هي اسقاط الرجل من عرشه بعدما أظهر بعض العصيان وانحرفت عن مسار الدول العظمى وأصبح يخطط للتمدد وفرض نفسه في المنطقة خارج الأطر التي سطرتها القوى العظمى...دخلت الديمقراطية المزعومة على ظهور الدبابات.ورغم اننا لا نزعم أن صدام حسين كان ديمقراطيا ونعترف أنه كغيره من الزعماء العرب شكل من أشكال الديكتاتورية إلا أنه كان حاميا للأرض وله من الروح القومية والوطنية الكثير ..نفس الشيء نراه في سوريا اليوم واليمن وليبيا بعد ثورات الربيع العربي المخطط لها مسبقا والتي دبرتها القوى العظمى لاستثمار القرف العربي والاستهلاك القوى الرجعية التكفيرية في المحرقة كوقود لتنفيذ مخططات العولمة..
انها اللافتة الجذابة التي استطاعوا استهوائنا عن طريقها أنهم يخطفون احلامنا في التغيير والثورة ويستخدمونها لمصلحة العولمة لمصلحة تفتتيتنا وسرقة ما تبقى من ثرواتنا وبيع أسلحتهم الفتاكة لنتقاتل بها ثم فيما بعد يسهرون هنا من خلال مؤتمرات جمع الأموال لإعادة التعمير في الدول التي هدمت ليبنون على آثارها مدنا جديدة ويحسنون نسب اقتصادهم ويرفعون معدلات أدائهم...
نحن أمة تستهلك ما يطبخ لها في بيوت مقفلة وتنتجه احسن مما يتوقعون..
الديمقراطية التي يبيعونها لها زيف كاذب بأنها لا تعطي للضعيف حقا وانما بتقوى بها القوي ويؤسس عليها سلطانا شرعيا بعدما كان سلطانا متجبرا بقوة السلاح والنار يصبح سلطانا بقوة الصندوق..لكن هذا الصندوق ليس صادقا باتم معنى الكلمة عندما تكون الشعوب مغيبة عن الفعل الحضاري وعن استقلال الفكر والإرادة فهي تختار من يسوقون لها عبر المضخات الإعلانية والقنوات الإعلامية الكبرى التي تملكها قوى الاستكبار..
لن يجد الفقير بوقا يصدح بها ويعبر بها عن صوته وانما سيجد غنيا يشتري صوته ويمنيه الاماني ويعدهم الشيطان وما بعدهم الا غرورا..
نجد الكثير من الحركات الإسلامية انخرطت في تيار الديمقراطية بعدما عانت سنينا من الاستبداد رغم أنها في فكرها لا تؤمن بالديمقراطية وليس لها دربة على قبول الاختلاف في الرأي والموقف وانما هي انتهازية وصولية للحكم..
أنه خداع جديد تلعبه العولمة لضم اكثر من اقليم جديد تحت رايتها فتحدد من يحكم وكيف يحكم والي حد يمكن أن يصل في تحقيق استراتيجيا إقليمية ضمن استراتيجيا العولمة..
لذا كفانا تشدقا بالديمقراطية ونحن لم نعش فكرها وروحها كالتي عاشها الأوروبيون بناء على أفكار فولتير وجان جاك روسو وكوندرسي وديدروا من مفكري النهضة الأوروبية اللذين أسسوا مبادئ الفردية والحرية أما الناتج الحاضر لهذا والذي اتخذ نعت الديمقراطية هو اليوم سلاح فتاك بيد العولمة...
لذلك علينا أن تؤسس فكرا حرا ومبادئ للإرادة ناتجة عن تطورات الذاتي والموضوعي كشعوب لها خصوصيتها الثقافية  والاجتماعية والتاريخية ولها مصير مشترك وعليه توجب على نهايتها المثقفة والصادقة أن تؤسس وعيا جديدا بالحرية والاختلاف بعيدا عن التدخل الأجنبي وبعيدا عن الأجندات المشبوهة ولوبيات العولمة الزائفة...

محمد السعيدي
عضو المكتب السياسي لحزب الطليعة العربي الديمقراطي

التعليقات

علِّق