الصحراء الغربية أم الباجي قائد السبسي : من كان وراء عدم استقبال ملك المغرب يوسف الشاهد ؟

عرفت زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد والوفد المرافق له إلى المغرب " حادثة " اختلفت التقييمات في شأنها بين من يعتبرها بسيطة جدا وعادية وبين من يقول إنها مهينة من الجانب الملكي مشرّفة من جانب يوسف الشاهد وبين من قرأ التاريخ والبروتوكولات جيّدا وانتهى إلى أن ما حصل أمر عادي جدا. أما الحادثة فهي طبعا عدم استقبال الشاهد من قبل الملك الذي قيل إنه كان سيستقبله لولا " اعتذار آخر لحظة " الذي جاء من القصر الملكي ليقول إن الملك أصيب فجأة بوعكة فاستحال عليه استقبال يوسف الشاهد .
وأما الأسباب الحقيقية وراء ما حدث فيرجعها البعض إلى موقف أخذه الملك من الشاهد بسبب أنه لم يمض على بيان مشترك يتضمن في إحدى فقراته السيادة الكاملة للمغرب على الصحراء الغربية ... بينما يرجّح آخرون أن يكون للباجي قائد السبسي يد في الموضوع أي في عدم استقبال رئيس حكومة الباجي يوسف الشاهد .
وحسب الأنباء " الخاصة " التي لم يتم تداولها فإن الوفد التونسي رفض إدراج فقرة تقول " إن الطرفين يعترفان بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية " . وحسب الأعراف السياسية والديبلوماسية فإن مشروع البيان النهائي يتم إنجازه من قبل لجنة تضمّ أعضاء من بعثتي الدولتين تحت إشراف السفيرين . ولتفادي أي إحراج بين الطرفين يقع تجنّب إدراج أيّة نقطة فيها خلاف ويتمّ كذلك تجنّب أي سؤال محرج أو مغضب . وإثر ذلك يتم عرض المشروع على موافقة رئيسي الوفدين قيل الإمضاء . وفي هذه الحالة فإن السؤال الذي طرح هو هل إن الطرف المغربي هو الذي صاغا لبيان بمفرده كي يضع الطرف التونسي في فخّ ما ؟. لماذا وجدت الفقرة الخاصة بالصحراء الغربية في النسخة التي قدّمت إلى يوسف الشاهد الذي رفضها على الفور؟. هل بحث المغاربة عن " انتزاع " اعتراف تونسي بسيادتهم على الصحراء الغربية في حين أنهم يعرفون أن موقف تونس كان ولا يزال منذ اندلاع هذه الأزمة مع بداية سبعينات القرن الماضي مع الشرعية الدولية ومع قرارات مجلس الأمن الدولي . وفي سنة 1976 وبينما اندلعت مناوشة مسلّحة بين الجزائر والمغرب عرض الراحل الحبيب بورقيبة وساطته بينهما تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية . وقد أرسل آنذاك مبعوثين إلى العاصمتين لكن دون تحقيق نتائج . وأكثر من هذا فقد ظلّت بلادنا خلال كافة الصراعات التي انخرط فيها العرب بعضهم ضدّ بعض تسعى إلى الحوار وإلى المصالحة بينهم ولم تنحز يوما إلى طرف ضد آخر تماما مثلما يحدث هذه الأيام في ما يتعلق بالخلاف بين قطر وبعض الدول العربية .
.وبالإضافة إلى أن المغرب قد " انسلخ " من العالمين العربي والإسلامي وتوجهه نحو بلدان إفريقيا التي أصبح أكبر مستثمر في بعض أنحائها وعلى مستوى العلاقات بين البلدين فإن المغرب لم يستسغ يوما الثورة التونسية التي كادت شرارتها تشتعل في المغرب فيحدث ما قد يحدث آنذاك . وتخشى السلطات المغربية دائما من أن تتوسّع الاحتجاجات التي تشهدها " الحسيمة " وهي التي سقط فيها بائع السمك شهيدا في حاوية فضلات فتصبح هذه الاحتجاجات على الطريقة التونسية . ومن هنا نفهم لماذا شهدت العلاقة بين البلدين بعض الفتور بالرغم من أنها كانت منذ عقود في مستوى طيّب ومرموق . كما يجب ألّا ننسى أن الملك محمد السادس لم يستقبل سابقا الحبيب الصيد وحمادي الجبالي ... وقد أعدّت السلطات المغربية استقبالا باردا للحبيب الصيد في شهر ماي 2016 . كما لم يتمكّن وزيرا الداخلية والشؤون الخارجية المرافقان له آنذاك من لقاء الوزيرين المغربيين للخارجية والداخلية لمناقشة مسألة الأمن ومكافحة الجماعات المتطرفة . وإضافة إلى ذلك فإن زيارة الرئيس البادي قائد السبسي ما زالت منتظرة . وتقول بعض المصادر إنه رفض دعوة رسميّة من الملك محمد السادس لزيارة المغرب . ولم يحدد إلى اليوم موعد لهذه الزيارة ويبدو أن الملك منزعج من هذا الأمر الذي قد يكون وراء عدم استقبال الشاهد .
من جهة أخرى فقد كان بالإمكان استغلال زيارة الملك المغربي في عهد رئاسة المنصف المرزوقي إذ نتذكّر جميعا أنه كسّر آنذاك بعض القواعد البروتوكولية وتجول راجلا بشارع بورقيبة ( رمز الثورة ) والتقط الصور مع الناس في تطوير العلاقات بين البلدين لكن ذلك لم يحصل علما بأن تلك الزيارة كادت تكلّف الملك الكثير خاصة من أولئك الذين لم يهضموا الثورة التونسية التي أزعجتهم وخافوا أن تصل إلى غرفهم وقصورهم .
من ناحية أخرى يجب التذكير بأن بروتوكولات الرؤساء عموما وبروتوكولات ملك المغرب بالخصوص لا يمكن أن يوجد على " الأجندا الملكية " إلا زيارات الدولة والزيارات الرسمية . أما زيارات العمل التي يؤديها رؤساء الحكومات فلا تدرج في تلك الأجندات وأما لقاءاتهم مع الملك فتخضع إلى رغبته أو تفرّغه أن كثرة أعماله .
وبقطع النظر عن هذه " الحادثة " فإن الشاهد يعتبر أكثر حظّا من الجبالي والصيد طالما أنه تحادث مع رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني ومع رئيس مجلس النواب وحبيب المالكي رئيس مجلس المستشارين . وقد كان الثلاثة حاضرين مع مستشاري الملك خلال طعام الإفطار الذي أعدّ على شرف يوسف الشاهد .
ج – م
التعليقات
علِّق