الزيادة في أسعار المحروقات وغيرها : هروب إلى الأمام وخوف من الحيتان الكبيرة و الشعب الكريم يدفع الفاتورة

الزيادة في أسعار المحروقات  وغيرها : هروب إلى الأمام وخوف من الحيتان الكبيرة  و الشعب الكريم  يدفع الفاتورة

مرّة أخرى تلجأ الحكومة إلى الزيادة في أسعار المحروقات في ظرف أقل من 3 أشهر. ومرّة أخرى تثبت  الحكومة أن السياسة الوحيدة الثابتة لديها هي الهروب إلى الأمام من خلال التغاضي عن كافة الحلول التي يمكن من  خلالها إنعاش الخزينة العامة والكفّ عن التسوّل من صندوق  النقد الدولي وما شابهه .
وبالرغم من أن أسعار البترول في العالم لم تشهد ارتفاعا يذكر في المدة الفارطة فقد قررت الحكومة أن ترفع في أسعار المحروقات . وهذا الترفيع ستكون عواقبه صعبة على " الزواولة "  لأنه لا الوزير ولا كاتب الدولة ولا الرئيس المدير العام ولا رئيس المصلحة ... معنيّون بهذه القرارات الجائرة إذ يتمتّع كل منهم بماء شاء الله من وصولات الوقود  رغم أن الجميع يدرك أن أعلبهم لا يعمل شيئا وحتى إن عمل فلا نتائج تذكر لما يعمل .
وعندما نقول " سياسة الهروب إلى الأمام " فلأن كافة الحكومات التي أتت بعد 14 جانفي 2011 تقريبا  لم تحاول البحث عن الحلول الجذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها البلاد بل كانت وما زالت من خلال الحكومة الحالية تلجأ إلى الحلول الترقيعية الخاطئة التي أثبتت مليون مرة فشلها  أنها ببساطة لا تنبع من واقع تونس بل مسقطة على هذا الواقع وتتحكّم فيها أطراف داخلية وخارجية لا تهمّها مصلحة تونس ولا شعب تونس لا من قريب ولا من بعيد .
وفي إطار الحلول الصحيحة فقد بيّن عشرات من الخبراء الاقتصاديين أن هناك الكثير من الموارد التي يمكن لها أن تنعش خزينة الدولة وأوّلها  " الحيتان الكبيرة " التي ترتع في البلاد من خلال التهريب والتهرّب من دفع ما عليها من ضرائب . وبما أن الدولة تخشى هذه الحيتان ولها بعض المصالح معها فإنها " لا تنزل " إلا على الشعب الكريم بالضرائب والترفيع في الأسعار لأنها تقدر على استخلاص الضرائب من العمال والموظفين ولا تقدر على استخلاص حقوقها من المهرّبين والمتهرّبين . وحتى مسألة الجباية فيها نظر وتدقيق . ففي مجال السيارات مثلا هل يعقل أن توظّف نفس   الضرائب على شخص يملك سيارة 10 خيول فأكثر وشخص بل أشخاص لا يقدرون إلا على سيارة شعبية لا تتجاوز 4 أو 5 خيول ؟. وهل يعقل أن تقتطع الدولة نسبا معيّنة من المرتبات الهزيلة للعملة والموظفين  بصفة إجبارية والحال أن آلاف المليارات  تتفسّح بين أيادي الحيتان الكبيرة ولا شيء منها يدخل إلى خزينة الدولة ؟؟؟.
لقد ثبت مرة أخرى أن الدولة تعيش في كوكب وأن شعبها يعيش في كوكب آخر. فهي لا تفكّر فيه أصلا ولا يهمّها إن عاش أو غرق أو أحرقته نار الأسعار التي لا أحد بإمكانه السيطرة عليها في زلّ تغوّل البعض من التجار والمضاربين " المستكرشين " وفي  ظل غياب الدولة وعجزها التام عن كبح جماع الأسعار التي  أصبحت اليوم " تبات في شان " لتصبح في شأن آخر .
وفي كافة الأحوال يبدو بما لا مجال للشط فيه أن  كرسي السلطة بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من السياسيين بات أهمّ وأفضل وأغلى من مصلحة المواطن الذي لم يعد له أي دور إلا إيصال السياسيين إلى  مواقع السلطة ... وبعد ذلك يفتح الله ....ولك الله يا مواطن يا مسكين ...
جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق