الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة : الإستعمال الذي حصل للقضاء العسكري يُذكّرنا بممارسات الشاهد !
اعتبرت القاضية الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة روضة القرافي الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين اليوم الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 ان تعهد القضاء العسكري بما يعرف باحداث المطار التي جدت يوم 15 مارس المنقضي "تعهد ملتبس بعدم الاستقلالية وبعدم احترام اجراءات المحاكمة العادلة".
وأضافت القرافي في مقال تحت عنوان "حادثة المطار: ما هكذا يكون استقلال القضاء وتعافيه"نشرته صحيفة "الصباح" اليوم ان “تعهد المحكمة العسكرية جاء في سياق تغيرات سياسية وفي تعد على التعهد السابق للقضاء العدلي" مذكرة بانه "القضاء الأصلي والطبيعي وصاحب الولاية العامة".
وذكرت بان وقائع حادثة المطار المعروفة جدت يوم 15 مارس 2021 وبان وقائعها تمثلت أساسا في اشتباك بين أعوان الأمن وعدد من نواب كتلة "ائتلاف الكرامة".
وأشارت الى ان القضاء العدلي كان قد تعهد بشكاية في الموضوع منذ تاريخ حصول تلك الوقائع والى ان الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس كان قد اكد أن الوكيل العام لديها أذن لوكيل الجمهورية بتونس بفتح بحث تحقيقي في تلك الوقائع التي تعلقت بمحامين لافتة الى أن ملف الشكاية لم يرد على محكمة الاستئناف من وكيل الجمهورية إلا في 19 جويلية 2021.
وبعد ان عبرت القرافي عن رفض القضاة تلك الوقائع التي وصفتها بالمشينة والصادمة لاحظت "أن القضاء العسكري كان على علم واطلاع تامين على وقائع المطار المشهودة تلك التي عاينها التونسيون مباشرة إلا انه من الواضح انه لم يقدّر حينها انه يختص بالتعهد بها فلم يثر أية تتبعات بشأنها.”
وأضافت "..إلا انه بعد قرارات 25 جويلية 2021 وبعد إحداث تغييرات على مستوى المسؤوليات في إدارة القضاء العسكري التابعة مباشرة للسلطة التنفيذية نفاجأ بتعهد القضاء العسكري بالموضوع رغم عدم تحركه إبان حصول الوقائع لتقديره حينها قطعا أنه ليس مختصا بها ورغم ان القضاء العدلي سبق ان تعهد بالقضية".
وبينت ان اختصاص المحكمة هو من ضمانات المحاكمة العادلة مشيرة الى ان المادة 14 – 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أنه من حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته فـي أيـة دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة ونزيهة منشأة بحكم القانون."
وتساءلت عن "موقف القضاء العدلي مما يحصل ولماذا لا يدافع على اختصاصه ؟وكيف لا تتحمل النيابة العمومية العدلية بالمحكمة الابتدائية بتونس مسؤولياتها بمراسلة النيابة العمومية العسكرية ومطالبتها بالتخلي لفائدتها لسبق تعهدها لتتولى هي مواصلة التتبعات التي صدر الإذن بها ؟"
وفي خصوص الأفعال المنسوبة إلى المشتكى بهم في وقائع المطار اكدت القرافي ان "أغلبها مشمول بالمجلة الجزائية من هضم جانب موظف عمومي بالقول أو الاعتداء على موظف عمومي حال مباشرته لوظيفه أو تعطيل حرية الشغل …..متسائلة عن الداعي لتعهد القضاء العسكري ؟
وأضافت "إذا ما صحت جملة الإخلالات الإجرائية التي تحدث عنها محامو الدفاع وأشارت إليها هيئة المحامين في بيانها الصادر يوم السبت 4 سبتمبر 2021 والذي جاء فيه حرفيا إن إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق محام، قبل الاستنطاق وتلقي دفاعه، فيه خرق للقانون ومس بقرينة البراءة وحق الدفاع وإذا ما ثبت خاصة إصدار بطاقة الإيداع بالسجن ضد المحامي المهدي زقروبة في هذه القضية دون استنطاقه من قاضي التحقيق العسكري كيفما يقتضي القانون وهو خلل إجرائي جوهري يمس من المصلحة الشرعية للمتهم لا يرتكبه اقل القضاة حرصا على سلامة الإجراءات فذلك ما سيغذي بلا شك الظنون بكون التعهد الفجائي للقضاء العسكري بالقضية في تجاوز صريح للقضاء المدني ليس أبدا من اجل إجراء محاكمة منصفة تكفل فيها للمتهم كل حقوق الدفاع".
وتابعت "كل ذلك يعيد إلى الأذهان ذلك الاستعمال الذي حصل للقضاء العسكري في ظل حكومة يوسف الشاهد واستخدامه في القضية الشهيرة التي طالت المسؤولين الأمنيين عماد عاشور وصابر العجيلي والتي انتهت بالنقض على مستوى الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب لعدم اختصاص القضاء العسكري ثم بالحفظ في الأصل في حق الأمنيين المذكورين ".
وتساءلت"لماذا لا نستخلص الدرس من استعمال القضاء العسكري في غير اختصاصه ؟ ولماذا نصر على ارتكاب نفس الأخطاء في حين أن لدينا سوابق من المفروض أن تكون لنا فيها عبرة ؟"
وخلصت القرافي في خاتمة مقالها الى القول "إن توسيع اختصاص القضاء العسكري ليشمل المدنيين في سياق تحول سياسي ليس إطلاقا مؤشرا على تعافي القضاء وسيره نحو الاستقلالية وتحقيق المحاسبة والمساءلة في نطاق ضمانات المحاكمة العادلة بل بالعكس هو في اعتقادنا مضر أيما ضرر بأي مسار للمحاسبة فضلا على إضراره الفادح بأبسط مقومات دولة القانون التي لا يمكن للمواطن فيها أن يمثل أمام محكمة غير مختصة كما لا يمكن للقضاء العسكري أن يسطو فيها على اختصاص القضاء العدلي كل ذلك تحت الرقابة المحلية ورقابة المنظمات الدولية، وهذه الأخيرة لن تكون متسامحة بالمرة مع ما يحصل في تونس حيال مسالة استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة ".
التعليقات
علِّق