التكتلات الاقتصادية هي الحل وعلى افريقيا أن تؤسس اتحادها...

التكتلات الاقتصادية هي الحل وعلى افريقيا أن تؤسس اتحادها...

 

لاشك أن العالم بصدد التشكل الجغراسياسي كل يوم بحسب ما يعيشه من أحداث وجوائح حيث بات من المستحيل على أي دولة أن تنغلق على نفسها وتمارس سياسة الانغلاق الاقتصادي فحتى الصين ثاني قوة اقتصادية في العالم لم تنجح في هذه السياسة ووجدت نفسها مجبرة على اتباع سياسة الإصلاح والانفتاح حيث تحول اقتصادها من الانغلاق الكامل إلى شبه الانغلاق، ثم إلى الانفتاح على نحو شامل.

لكن هذه الاحلاف السياسية وحتىّ العسكرية يبقى توفير مناخها صعبا عكس التكتلات الاقتصادية العابرة للقارات ولا تحتاج حدودا مشتركة و قواسم حضارية و غيرها من التي تقتضيها التكتلات الكلاسيكية. 

والامر ذاته ينسحب على القارة الافريقية التي تبقى بحاجة الى تكتل اقتصادي قوي خاصة وأن أسس البناء موجودة متمثلة في المجموعة الاقتصادية الأفريقية أو الجماعة الاقتصادية الأفريقية و هي منظمة تتبع دول الاتحاد الأفريقي وتضع أسس التعاون والتطور المتبادل لاقتصاديات الدول الأفريقية. ومن أهداف المنظمة إنشاء منطقة تجارة حرة، اتحاد الجمارك، سوق مشتركة، مصرف مركزي وعملة أفريقية موحدة. وبالتالي تحقيق أتحاد اقتصادي ونقدي.

و حاليا، هناك العديد من كتل مناطقية افريقية متعددة تعرف بمجموعات الاقتصاد المناطقية أو ما يعرف بـ «الأركان» على غرار تجمع دول الساحل والصحرا و السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا و مجموعة شرق أفريقيا و اتحاد المغرب العربي (أوما).

الاّ أن هذه التكتلات لم تنجح في خلق سوق افريقية مشتركة و أغلبها بقيت معاهدات على الورق .واليوم بات ضروريا انشاء اتحاد اقتصادي قوي برعاية سياسية و ارادة واعية بأن لا مستقبل لأي دولة تدير اقتصادها بمعزل عن الاخرين أو لا تملك امتدادا اقليميا يسمح لها بتطوير مبادلاتها التجارية .

ويمكن اعتبار منطقة التجارة الحرة الافريقية التي أسست في شهر جويلية 2019 اللبنة الاولى في بناء صرح هذا الاتحاد حيث تعد الأكبر في العالم حيث تضم 1.2 مليار شخصا بحجم مبادلات تتجاوز 3000 مليار دولار. كما ستمكن من رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الافريقية من 16% الى 33%. 

وهذا الاتحاد من الممكن أن يكون على شاكلة الاتحاد الاوروبي وربما لديه فرص ليكون أكثر نجاعة بالنظر الى الجغرافيا الخصبة التي تميز افريقيا حيث أن اغلب دولها تطل على البحر و لها منافذ على أغلب المسالك البحرية التجارية العالمية وبإمكان هذا الاتحاد أن يغري كبرى الدول الاقتصادية بالاستثمار في افريقيا بدل آسيا التي المستقطب الاول للاستثمارات في العالم.

ويبقى الهدف الرئيسي هو زيادة التجارة البينية بين الدول الافريقية وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة في إفريقيا من خلال إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، كما أن نجاح هذا الاتحاد الاقتصادي سيعود بالفائدة على التنمية الاقتصادية في إفريقيا بصفة عامة، وخطوة أساسية نحو إنشاء سوق افريقية مشتركة وإصدار عملة موحدة وذلك طبقا لاتفاقية أبوجا والمعاهدة التأسيسية للاتحاد الإفريقي.

ولابد لهذا الاتحاد أن يحمل لواء الثورة الرقمية في افريقيا والحاق دولها المتخلفة في هذا المجال بالركب العالمي اذ بات واضحا أن العالم و افريقيا لايسيران بنفس السرعة بل ان التباين واضح حتى بين الدول الافريقية نفسها و المطلوب هو أكثر تبادل للخبرات و الثروات من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي الافريقي من الغذاء و التقنية وفي كل القطاعات الحيوية كالمياه و الصحة و التعليم . وهو الهدف الرئيسي من بعث هذا الاتحاد والذي سيسطّر أيضا الخيارات الاقتصادية الكبرى للقارة الافريقية و يكون المفاوض الوحيد للافارقة مع غيرهم من التكتلات و الكيانات الاقتصادية في العالم.

ريم بالخذيري

التعليقات

علِّق