البرمجة الصيفية لقنواتنا التلفزيونية : غياب للمهنية وضعف في الابتكار

أداء التلفزيونات التونسية هو من مواضيع الساعة في فترة الصيف. فالتلفزيون يعتبر "ملاذا "لعدد من التونسيون الذين لا يتحركون كثيرا في هذا الصيف الذي يتميز بالحرارة و في ظل ضعف الإمكانات.
"من المؤكد أن البرمجة التلفزيونية تتعطل خلال شهر الصيف و هذا ما نراه في كل شاشات العالم. بسبب على ما يقال ضعف الاستثمارات الاشهارية التي تشكل الممول الأساسي للقنوات الخاصة وتدني نسب المشاهدة. "غير أن تلفزيوناتنا بالغت و أصبحت فاقدة لأي محتوى تقريبا". هكذا يتذمر الحاج عمر المتقاعد من شركة خاصة و الذي يعتبر أن البرامج التلفزيونية تشكل "ملاذا" له في هذه الفترة التي لا يتحرك فيها كثيرا مكتفيا بما يجب عليه أن يقوم به خلالها من تنقلات لقضاء بعض الحاجات باكرا.
فهو يرى أن كل التلفزيونات أكثرت من "الإعدادات" و أصبح البعض منها يتفنن في المجال على غرار صناعة ال" بيست أوف" و المتمثل في بث مختارات من برامج سبق وأن تم بثها "مرارا و تكرار". و يؤكد الحاج عمر كثيرا ما ينتابه القلق "عندما يشاهد في فترة الصيف برامج تم بثها سابقا خلال شهر الشتاء" و هي برامج نرى فيها المقدم و الضيوف "يلبسون المعاطف و البلوفرات".
كما يحتار في أمره عندما يستمع لا عادات لبرامج تبث في المساء نستمع فيها إلى منشط أو منشطة يتوجهان إلأى المشاهدين بعبارة "صباح الخير" أو يتحدان عن "تناول فطور الصباح''. و ذلك دون أن تتولى القناة بطبيعة الحال اللجوء لعملية التر كيب أو المونتاج. و هو «أضعف الإيمان".
"الملح الذي لا تغيب عن طعام"
هذا و ينوه العم محمود الذي يرافق الحاج عمر يوميا في تنقله عندما يأتي المساء و يهدأ الحر إلى المقهى إلى مشاهدة "أشياء غريبة" تبرز بجلاء ضعف في المهنية "لم يسبق له أن يلاحظها من قبل" مثل ما حصل منذ أيام قليلة على شاشاتي التلفزيون العمومي. فبعد أن انطلقت القناة الأولى في بث حلقة من مسلسل معين تولت القناة الثانية و بعد عشرين دقيقة في بث "نفس الحلقة". هذا فضلا عن "بث مسلسلين إثنين لنفس الممثل أو المخرج."
أما أكبر التذمر يأتي لدى من تحدثنا معهم في المقهى الذي يجلس فيه الحاج عمر و العم محمود في حي المنزه السادس يخص البرامج التسوسيقية التي على غرار "الملح الذي لا تغيب عن طعام". فهي تبث في كل القنوات تقريبا "ماعدا القناتين العموميتين: الوطنية الأولى و الوطنية الثانية". علاوة على أن هذه البرامج تبث خلال فترة طويلة من أيام الأسبوع.
محلات لكراء أشرطة الفيديو
ويقول في هذا المضمار كل من الحاج عمر والعم محمود : "هل يجوز اليوم أن نواصل دفع المبلغ المخصص للإذاعة والتلفزيون في فاتورة الكهرباء والغاز" "خاصة و أن مبلغ هذه الفاتورة ما نفك يرتفع بالنسبة إلينا؟". كما يتساءلان: "ألا يمكن أن تحسن البرمجة من أدائها اليوم وبنفس الطاقم الذي تتوفر عليه قنواتنا وهل سيكتفى التلفزيون العمومي مثلا بنقل سهرات المهرجانات الصيفية دون سواها من الإنتاجات؟" فهل فقد المسؤولون عن البرمجة أي قدرة للابتكار"؟ "ألا يمكنهم مشاهدة قنوات أجنبية لفهم كيف يمكن أن نتدبر الأمور؟"
و يقولان أن على الذين يتولون إعداد الشبكات البرامجية أن "يخجلوا مما يقومون به من أعمال". مشيرين في هذا الصد إلى أن بعض المسلسلات على غرار "شوف لي حل" و "الخطاب على الباب" و "الدوار" تلازم شاشة القناة الثانية من التلفزيون العمومي طوال كل السنة. و يعتقد أن "شيء غير معقول" مضيفا أن هذا الواقع يعطي انطباعا على أن القنوات التونسية أصبحت محلات لكراء أشرطة الفيديو " الفيديو كلاب".
محمد قنطاره
التعليقات
علِّق