"الاكتفاء السيادي" وتحقيق أهداف الثورة....

"الاكتفاء السيادي" وتحقيق أهداف الثورة....

 

بقلم نوفل بن عيسى

اللحظة ليست لحظة تخوين أو ترذيل للخصوم أو انتقام. الخيانة اليوم أن توظف ما وصلت إليه البلاد اقتصاديا وماليا لأغراض سياسية أو دعائية وأن تحمل مسؤولية الوضعية الحالية الى زيد أو عمر. هذا الأمر قد يتولى أمره القضاء بآلياته.
وفي هذا الإطار لم نرى للقضاء تحركا ضد من عطل أنتاج الفسفاط لسنوات ومن ابتز وما زال ثرواتها  الطاقية والمنجمية كالبترول ولا نجاعة في استرجاع الاموال المنهوبة من الخارج وكأن أمر الفساد منحصر في بعض المحتكرين والمرتشين ولكن اليوم يبقى على من في الحكم تحمل المسؤولية والخروج بالبلاد من المأزق والتركيز على ذلك بالاساس.
الوقت ليس وقت جدل والوضع لم يعد يحتمل النقاشات البيزنطية العقيمة التي لا تفيد الشعب في شيء.
الوقت وقت ايجاد حلول فاعلة وبسرعة وليس وقت خطب سياسية وتنظير مرتزقة البرامج التلفزية والاذاعية من الصحفيين والمعلقين. ليس الوقت كذلك وقت الانصات والاصغاء الى اولئك الخبراء الذين تكاثروا كالفقاقيع في كل الميادين.

حان الوقت إلى الاصغاء لمن لهم القدرة على الإتيان بحلول عملية وواقعية ووضع كل المقترحات على الطاولة ودراستها فمنها ما طالب به حمه الهمامي منذ سنين والمتمثل في تأجيل دفع ديون تونس الخارجية بثلاث سنوات بعد الاتفاق مع الدول والمؤسسات المقرضة طبعا وهكذا تتنفس البلاد الصعداء وتمنح للاقتصاد والمالية الوقت للتحسن والتحصن من الانهيار.
ومنها ما طالب به لطفي المرايحي في حملته الانتخابية والمتمثل في اعتماد منهج "الحمائية الاقتصادية" لألا تتبذر موارد الدولة من العملة الصعبة ونتمكن من حماية سوق الشغل والتشغيل وفي الآن نفسه دعم حركة الانتاج وتتمثل هذه السياسية بكل بساطة في ألا نستورد ما نصنع في تونس أو نقدر على صنعه وانتاجه واذا كان لا بد فليقتصر الاستيراد على ما هو ضروري ولا بد منه.
ثم ان للاتحاد العام التونسي للشغل واتحادي الاعراف (Conect-UTICA) افكار وتصورات وحلول للنهوض بالصادرات وتأهيل مؤسساتنا الصناعية والخروج بالشركات الوطنية مما هي عليه من وهن بسبب الديون الطائلة والعجز المالي والضعف في التسيير والتصرف. كما أن تطوير آليات التجارة ومناهجها وهياكلها وتغيير انماط ما يسمى بالمنوال التنموي على أن تواكبه دبلوماسية مثمرة (Diplomatie rentable) صار حتميا وعليه فإذا كان لابد من حوار وطني فليكن ولكن أن يكون اقتصاديا وماليا يجمع حول هدف الخروج بالبلاد من هذا الانهيار الاقتصادي والصناعي والطاقي والتجاري والمالي، ولا يفرق وعلى هذا يجب أن يعمل رئيس الجمهورية، أي أن يجمع ولا يفرق.

ومع هذا فلا بد من ان ينعكس ما التزم به رئيس الجمهورية حول مقاومة الفساد وتطهير جهاز القضاء واجهزة الرقابة على الواقع الحالي لإعطاء الدولة هيبتها وليكون لقول الرئيس جدية وجدوى ولعمل الحكومة مصداقية.

وفي انتظار أن تأتي هذه الإجراءات والمبادرات بأكلها وتتحرك محركات الاصلاح وتأتي بثمارها، يبقى الواقع المعيشي في تونس مريرا وتبقى الحالة العامة في انهيار مستمر وهذا ما قد يؤدي الى الانفجار. فحذاري من الإنفجار اذ بدأت بوادره تتجلى من خلال الانفصام ....
لا تكون الدول دولا ذات سيادة إلا بالاكتفاء الذاتي الاقتصادي والفلاحي والأمني وأن تكون محترمة وموقرة بين الأمم اذ أن السيادة ليست خطبا رنانة وحسن نوايا وعليه فلابد لتونس أن تعمل على "الاكتفاء السيادي" ويومها تتحقق أهداف الثورة. 

التعليقات

علِّق