الاقتصاد التونسي: أرقام مشجعة و لكن الوضع مازال دون المأمول

الاقتصاد التونسي: أرقام مشجعة و لكن الوضع مازال دون المأمول

صدرت خلال شهر أوت 2024 أرقام اعتبرت مشجعة تتعلق بنسبة النمو وبالتجارة الخارجية ولكن الطريق مازالت طويلة ليستعيد الاقتصاد التونسي الوضعية التي كان عليها قبل أزمة كورونا.

قد يمكن اعتبار نسبة النمو ب 1 في المائة خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية (أفريل وماي و جوان) أهم "حدث "اقتصادي" عرفته تونس في المدة الأخيرة. فهو وبالرغم من "تواضعه" يمثل تحسنا في نسبة نمو الخيرات في بلادنا التي كانت تقدر ب0.3 بالمائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى (جانفي و فيفري و مارس).

و قد لاحظ عدد من المتابعين للشأن الاقتصادي في بلادنا أن هذا المؤشر يؤكد ما أتى به البنك الإفريقي للتنمية من توقعات في خصوص نسبة نمو الناتج الداخلي الخام و هو مجموع الخيرات من سنة إلى أخرى و من فترة إلى أخرى و أن تمر نسبة النمو في بلدنا إذن من 0,4 % سنة 2023 إلى 2.1%   سنة 2024 ثم إلى 2.9 % سنة 2025.

هذا وقد تزامن نشر هذا المؤشر الخاص بنسبة التنمية في بلادنا من قبل المعهد الوطني للإحصاء مع رقم أخر اعتبر كذلك "مشجعا" وهو ذاك الرقم المتعلق بانخفاض العجز التجاري و تحسن مؤشرات التجارة الخارجية. فقد انخفض هذا المؤشر ب23.5% خلال الأربع الأشهر الأولى لسنة 2024 التي عرفت نموا في حجم الصادرات (4%+) و انخفاضا في حجم الواردات (1.8%- ).

مكافحة العوائق الهيكلية

غير أن هذه الأرقام وبالرغم من أنها مشجعة لا تعني بالمرة أن تونس خرجت من الصعوبات التي تعيشها منذ سنوات عدة. فنسبة النمو التي والحق يقال لا تنفرد بها بلادنا (يتوقع ألا تتجاوز هذه النسبة 2.6 % في العالم) مازالت دون المأمول. فالعالم بأسره مازال يعاني من تبعات أزمة كورونا.

الشيء الذي يعني أنه على بلادنا أن تنطلق في جملة من الإصلاحات في مجالات عدة لتشجيع الاستثمارات وبخاصة ضرورة مكافحة العوائق الهيكلية و من بينها اصلاح الإدارة بمختلف مكوناتها التي يتوجب رقمنتها و دفعها نحو تحسين أدائها.

خلق مواطن الشغل

و يعتبر البعض هنا من جهة أخرى أنه يستعصى على البنوك التونسية اليوم و بسبب مساهمتها في مد الدولة بالأموال اللازمة لتسديد القروض أن تمنح كل الموارد اللازمة لتعب دور هام في اقراض المستثمرين.

علما أن النسبة المأوية (1%) الحاصلة لا يمكن لها أن تساعد كذلك على خلق كثيرا من مواطن شغل و الكل يعلم العلاقة العضوية بين نسبة نمو الناتج الداخلي الخام و احداث مواطن الشغل. و تفيد مصالح المعهد الوطني للأحصاء في هذا السياق أن نسبة البطالة عرفت خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة انخفاضا ب0.2%.

تأثير سلبي على أداء النسيج الاقتصادي

كما يعتبر بعض المحللين أن الأرقام الخاصة بالتجارة الخارجية تخفي جانبا هاما يتعلق بانخفاض حجم المواد الأولية وبعض المواد الأخرى المستوردة و التي تستخدم في عملية الإنتاج. الشيء الذي يعني أنه لا يمكن إلا أن يؤثر سلبا على أداء النسيج الاقتصادي.

كما أن الأرقام المتعلقة بالصادرات و بالرغم من أنها تبرز كما قلنا بجلاء تحستا و بخاصة فيما يتعلق بالمنتوجات الفلاحية ((+39/2% و الطاقة (+19.4 %) فإنها مخيبة للأمال في خصوص بعض القطاعات مثل التعدين و الفسفاط (-27/9%) و كذلك الملابس و الجلود و الأحذية (-7/6%).

محمد قنطاره

التعليقات

علِّق