الافريقي يحيي عيد ميلاده (102) في اسوء فتراته..
بقلم : عبد الحكيم الدربالي
اكثر فريق تونسي يجلب نحوه الانظار و يثير حوله الجدل و التساؤلات و الانتقادات داخل الاوساط الرياضية طيلة العشرية الاخيرة هو طبعا النادي الافريقي لعدة اسباب منها اولا... مدى عراقته و تجذره في اعماق الكرة التونسية و العربية... و ثانيا لتوسع شعبيته داخل و خارج الوطن... و ثالثا لكثرة أخطاء مسؤوليه طيلة الحقبة المنقضية... اخطاء غريبة اغلبها عشوائية و بدائية جعلتة عرضة لعديد العقوبات و عديد الخطايا و التهديدات الى درجة اصبح فيها الفريق مهددا بعقوبة التدحرج الى القسم الاسفل او ربما اقسى من ذلك...و في ظل هذه الوضعية الحرجة جدا و الغير مسبوقة و الخالية من علامات الافراح و الروعة و الاطمئنان سيطفيء النادي الافريقي غدا ( 4 اكتوبر 2022..) شمعته رقم ( 102..) و بقدر ما نهنيء جماهيره العريضة بهذه المناسبة... بقدر ما نناشد اطاراته الحالية و السابقة الى توحيد صفوفهَم من اجل انقاذ هذا الصرح الرياضي العريق و جعله بمناء عن الهزات و الهنات حتى لا تزداد المعضلة خطرا و تقع الفأس في الرأس فيذهب فيها صاحب رباعية القرن ضحية بسببهم...
** شيخ ولد في مقهى..؟؟
بالعودة الى تاريخ ولادة النادي الافريقي يقول العديد من ابناء باب الجديد ان فريقهم بعث للوجود سنة 1917 عبر انشاء فرقة موسقية بعد ان رفضت السلطة الاستعمارية حينها السماح لهم بتاسيس ناد رياضي لا يخضع لادارة فرنسية.. و بقي الجدال متواصلا الى غاية يوم ( 4 اكتوبر 1920) حيث نجحت مجموعة من الرجال يتقدمهم محمد السوداني و جمال الدين بوسنينة في الاعلان عن ولادة ناد رياضي جديد بهوية تونسية لحما و دما اسمه.. ( النادي الافريقي..) و اختاروا له اللونين الاحمر و الابيض كرمز للون الراية الوطنية...و حتى تكون بداية مسيرته على اسس قويمة و ثابتة اسرع مؤسسوه في عقد اول جلسة ادارية بداخل مقهى الفرجاني بلحاج عمار بشارع باب الجديد و التى افرزت هذه الجلسة عن اول هيئة ادارية تسييرية للنادي الافريقي و التي تتركب من.. البشير بن مصطفى (رئيس) جمال الدين بوسنينة (نائب رئيس..) الشاذلي الورغي (كاتب عام..) عبد المجيد الشاهد ( كاتب عام مساعد..) و حسن النوري (امين مال..) و نظرا للحالة المالية المتواضة حينها فقد اضطرت هذه الهيئة لتسيير فريقها من مقر صغير بمخزن معد لجمع و بيع صوف الاغنام بحيء المركاض بباب الجديد.
** اول تشكيلة لصد الاستعمار..
و سعيا منها لتحدي صد و ضغط القوى الاستعمارية التي ما فتئت تعرقل تحركات المولود الجديد اسرعت الهيئة الادارية في اختيار تركيبة من الشباب المتحمس لتمثيل النادي في المنافسات الرياضية و كانت اول تشكيلة تمثل النادي الافريقي تتركب من العناصر التالية...
الهواري المنوبي.. جمال الدين بوسنينة.. محمد ماشوش (والد نجم الترجي السابق عبد الجبار ماشوش) محمود مالوش..(قائد فريق..) حسن قدور... حسن النويصري... احمد مستاوي... محمد عياد... عبد الرحمان خلفت.. العربي بن يمينة... احمد الضحاك...
و قد حقق ابناء باب الجديد بفضل هذه التشكيلة عديد الانتصارات الباهرة.. و لعل افضل و اسمى انتصار كان على حساب سلطة الاستعمار الغاشم الذي بدأ حينها يخضع لطبات التونسيين المتمثلة في بعث اندية رياضية تحت قيادات وطنية بحتة..
** بداية جني الثمار..
بعد مسيرة تواصلت 27 سنة نجح النادي الافريقي في معانقة اول لقب في تاريخه و كان ذلك يوم (11 ماي 1947) خلال موسم متميز حقق فيه 12 انتصارا و خمسة تعادلات و هزيمة وحيدة... و الاجمل اكثر بالنسبة لابناء باب الجديد في هذا التتويج الاول ان الدورة الشرفية جاءت امام جماهير الجار العنيد و العتيد ( الترجي الرياضي..) باعتبار ان المباراة الاخيرة في الموسم كانت ضد نادي باب سويقة ( الدربي) و انتهت على نتيجة التعادل ( 1/1)... و من اللاعبين المتميزين الذين ساهموا في هذا التتويج الاول نذكر.. الهادي صاحب الطابع... و صالح عكاشة (لاعب و مدرب..) و الشريف.. و الذيب.. و الدبابي... و قد احرز النادي الافريقي كذلك على بطولة الموسم الموالي (48/47..) في حقبة سيطر عليها نادي حمام الانف بالطول و العرض ( كؤوسا و بطولات..)
** رجالا زرعوا فحصدوا..
على الجانب الاداري ترأس النادي الافريقي حوالي 30 رئيسا عرف معهم جمهور الاحمر و الابيض فترات متقلبة و ممزوجة بالفرح و النجاح تارة و الخيبات و الغصرات تارة اخرى.. و هم على التوالي حسب ارشيف النادي...
البشير بن مصطفى.. وناس العجيمي.. حسونة الكافي.. عبد العزيز ونيس.. محمد النادلي.. مصطفى صفر.. علي بلحاج.. المنصف العقبي.. محمد علي العنابي.. محمد العاصمي.. عبد المجيد المهيري.. جمال الدين بوسنينة.. محمد المستيري.. صالح عويج.. عزوز الاصرم.. فتحي زهير..فريد مختار.. حمادي بوصبيع.. رضا العزابي.. الشريف بالامين.. فريد عباس.. حمودة بن عمار.. سعيد ناجي.. كمال ايدير.. جمال العتروس.. سليم الرياحي.. مروان حمودية (هيئة تسييرية..) عبد السلام اليونسي... و حاليا يوسف العلمي...
و للامانة و التاريخ فان صحة النادي الافريقي بدات تعرف الوهن و المرض منذ تولي السيد جمال العتروس دفة الرئاسة حيث اختلّ توازن الفريق و تخللته مظاهر احتجاجات و اضراب اللاعبين عن التمارين كما شهدت حديقة الرياضة (أ) و لاول مرة في تاريخ النادي اعتصام الاحباء تواصل من يوم 16 الى 20 افريل 2012 بغية تغيير رئيس الهيئة بسبب تردي النتائج... و لئن عرف خلفه سليم الرياحي و هو وجه جديد و غير مألوف في اوساط النادي عرف كيف يقفز بالفريق الى بر الامان و يحصد معه عديد الالقاب دخلت خزينة النادي على مستوى كل الفروع طيلة خمسة مواسم متتالية... الا انه ورط النادي في ديون ثقيلة و متعددة وصل صداها الى حد مكاتب الاتحاد الدولي لكرة القدم.. (فيفا.) و مازال الفريق يعاني من مخلفاتها الى حد الان بعد ان حرم بسببها اكثر من مرة من الانتدابات و هددته بالنزول الى القسم الاسفل...
** جنسيات عالمية تغزو النادي..
بصرف النظر عن جنسيات اللاعبين الاجانب الذين عززوا صفوف النادي الافريقي خلال مسيرته الطويلة... فقد اشرف على تدريبه (25) مدربا اجنبيا من جنسيات مختلفة موزعة كما يلي.. 11 مدربا فرنسيا.. مدربان ايطاليان.. مدربان رومانيان.. مدربان بولونيان.. مدربان هولنديان.. مدرب مجري.. مدرب سوفياتي.. مدرب سويسري.. مدرب بلجيكي.. مدرب تركي.. مدرب جزائري..... و ياتي الايطالي ( فابيو روشوجياني.) افضلهم على مستوى تكوين الفريق على اسس قوية و متينة و كان له الفضل في عملية انتقاء مجموعة من اللاعبين الافذاذ الذين ساهموا في نحت نجاح و غطرسة النادي الافريقي محليا و مغاربيا كما ساهموا في اشعاع الكرة التونسية و نذكر منهم خصوصا.. عتوقة.. الشايبي.. الزيتوني.. مراد.. رتيمة.. الجديدي..الرحموني..ثم ياتي بعده المجري العنيد و المنضبط جدا ( اندري ناجي..) الذي وجد فريقا جاهزا يعج بالنجوم ففرض بفضله سيطرة وصل مداها الى حدود المغرب الاقصى...
** متى ينهض الاسد الجريح..؟؟
و هو يطفيء شمعته رقم (102) لابد على ابناء النادي الافريقي ان يعوا جيدا و يتفطنوا الى الخطر الذي بات يتربص بفريقهم و يهدده بعواقب غير مطمئنة بالمرة بسبب اخطاء ادارته الحالية في مناهج التسيير.. و بسبب المؤامرات التي تستهدفه من الداخل و الخارج...و لئن طفت مؤخرا على السطح مجموعة غيورة و مثقفة من الاحباء يتقدمهم الدكتور محسن الطرابلسي و السيد بلحسن بن عمارة و الاستاذ زين العابدين الوسلاتي و السيد الهاشمي الحاجي و العقيد لطفي القلمامي و غيرهم من اجل انقاذ النادي من هذه المخاطر من خلال بعث مشاريع من شانها ان تفرز موارد مالية قارة على غرار جمعية ( السوسيوس..).. فان مسؤولية القفز بناد عريق و كبير في حجم النادي الافريقي تتطلب التفاف اكبر و اوسع من هذه المجموعة و تدفع لمراجعة كل الاشياء الادارية و الفنية و المالية و حتى علاقاته الخارجية و اعادة بنائها كلها على اسس سليمة و قويمة و حتما ستنزاح هذه الغمة تدريجيا و يعود بعدها اسد باب الجديد الي ازيره القوي و يجدد غزواته داخل ادغال افريقيا.... هذا ما نامله و ننتظره.
التعليقات
علِّق