الاضرابات في تونس: هي فوضى !!

الاضرابات في تونس: هي فوضى !!

من منّا لم يشاهد الفيلم المصري الشهير "هي فوضى" للمخرج المصري العالمي يوسف شاهين و بطولة الممثل الكبير الراحل خالد صالح حيث يتناول هذا الفيلم معضلة الفساد التي نخرت المجتمع المصري فترة التسعينات و يصوّر الفوضى التي عمّت المجتمع المصري و من خلاله المجتمعات الشبيهة وأخّرته سنوات ضوئية .

هذا الفيلم يبدو أننا بحاجة لمشاهدته وتنزيله في سياق اخر شبيه في تونس وهي فوضى الاضرابات التي أصبحت سمة العمل في تونس منذ سنة 2011 حيث نسجّل كل سنة أرقاما قياسية في الاضرابات أغلبها عشوائي. و أصبح هذا الحق الدستوري كلمة حق يراد بها باطل و تحوّل من أداة لتحسين العمل الى سلاح فتّاك عصف بالمؤسسة العمومية و بالتعليم العمومي و بالصحة العمومية .

فاليوم في تونس لابد من الاعتراف بحقيقة مرة وهي أن النقابات تغوّلت و تحوّلت لقوة تهاب .وكم من مدير عام صرّح في السر و العلن أن النقابيين يعرقلون خطته للإصلاح و يفرضون عنه قرارات لايمكنه ردّها اذا ما أراد المحافظة على منصبه. اذ تحوّلت النقابات في المؤسسات الى جهة تعيين و اقالة الاطارات العليا التي اجبرت على غض الطرف عن الانتاج و الاصلاح و التفاني في العمل اتقاء لشرّ هؤلاء النقابيين.اذ أن اغلبهم يتصرف و كأنه الحاكم بأمره و أحيانا يتّخذ قرارات عشوائية داخل المؤسسة حتى دون الرجوع للقيادة المركزية في اتحاد الشغل.

ولنا في ذلك أمثلة عديدة و اضرابات كثيرة تبرّأت منها قيادة الاتحاد وأقرتها النقابات وآخرها اضراب الاساتذة و المعلمين يوم الجمعة 12نوفمبر 2021 .هذا اليوم سيبقى راسخا في تاريخ الاولياء الذين عاشوا حالة من الفوضى و الجميع كانوا يرددون "فمة قراية و الا ما فمّاش" منتظرين نهاية صراع الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم و نورالدين الطبوبي الامين العام لاتحاد الشغل فهذان الرجلان استقويا على الدولة وحتى ان صعّد أحدهما أو اعلن الهدنة فلغايات شخصية في ظل الصراع القائم بين الاجنحة في الاتحاد و الذي لم يعد خافيا على أحد.

ما حدث في الاضراب المتحدّث عنه و في غيره من الاضرابات يؤكّد أننا لم نفهم بعد العمل النقابي كما لم نفهم الديمقراطية و الحرية التي صنعتهما وهو ما أسقطنا في فوضى تحيلنا على ظاهرة أخرى أشد خطورة وهي ظاهرة الاحتجاجات .فقد تركت القوانين جانبا وأهملت.. ومن يريد أن يأخذ حقا بحق أو بباطل فلن يكلفه ذلك سوى قطع طريق أو تعطيل الانتاج حيث أن الدولة الضعيفة كما الحال عندنا ومنذ سنة 2011 تحوّلت الى هياكل عاجزة و مستضعفة هدف حكامها تلبية أي مطلب جماعي أو قطاعي للحفاظ على كراسيهم ومناصبهم و امتيازاتهم و ان كان تلبية هذه المطالب على حساب المالية العمومية و الاقتصاد و النتيجة دولة منهارة على كل المستويات لابد من الوطنيين الاحرار أن يوقفوا هذا النزيف قبل الحديث عن السياسة و الانتخابات والمؤامرات .

ريم بالخذيري

التعليقات

علِّق