الأخبار الزائفة والإشاعات :كيف تسيء إلى النسيج الاقتصادي

الأخبار الزائفة والإشاعات :كيف تسيء إلى النسيج الاقتصادي

قدرت دراسة أنجزتها جامعة "بالتمور" وهي جامعة أمريكية سنة 2019 " التكلفة الاقتصادية للأخبار الزائفة والاشاعات الأخبار ب 78 مليار دولار أمريكي (قرابة 274 مليار دينار تونسي)". وذلك من خلال الإضرار بسمعة الشركات وعلى خاصة أسهمها وأوراقها المالية عامة المتداولة في السوق وعلى بيع سلعها وخدماتها.

كثيرا ما يتم التعرض اليوم وطنيا وعالميا إلى المخاطر التي تمثلها الأخبار الزائفة  ("الفايك نيوز") والإشاعات بالنسبة إلى الحياة السياسية وبخاصة تلك التي تمر عبر مختلف المحامل على الأنترنت ومنها بالطبع الشبكات الاجتماعية والتي أصبحت حاضرة بقوة في حياتنا اليومية. وهي الأخبار التي لها حسب الدراسة التي أنجزها المعهد الأمريكي المعروف "ماستشوتس للتقنية" سنة 2018 "قابلية لإعادة النشر بنسبة 70 بالمائة وأسرع بست مرات للوصول إلى المستخدمين". و يتم في هذا المضمار التأكيد على الدور الذي لعبته و ما زالت تلعبه خلال الانتخابات في عدد من دول العالم قصد التأثير عل سلوك الناخبين و ذهاب النتائج في اتجاه معين.

ويتناسى أو يجهل البعض الدور الذي تلعبه هذه الأخبار الزائفة والإشاعات في خصوص النسيج الاقتصادي خاصة في هذه الفترة التي تمر بها عديد المؤسسات والتي تتسم بالهشاشة المالية بسب عوامل غدة من بينها احتداد المنافسة والتضخم المالي وكذلك صعوبة التموقع في الأسواق. وقد أبرزت دراسة ثانية أجرتها جامعة "بالتمور" وهي كذلك جامعة أمريكية سنة 2019 أن "التكلفة الاقتصادية لهذه الأخبار تقدر ب 78 مليار دولار أمريكي (قرابة 274 مليار دينار تونسي)". وذلك من خلال الإضرار بسمعة الشركات وبخاصة على قيمة أسهمها وأوراقها المالية عامة المتداولة في السوق وعلى نسق تدفق سلعها وخدماته.

وهوما حدث فعلا سنة 2019 للبنك البريطاني "ميترو بنك" و هي قضية مشهورة و التي تعرض فيها هذا البنك إلى أخبار زائفة في خصوص وضعيته المالية الذي اعتبرته أخبار زائفة بأنه "متدهور جدا وعلى باب الإفلاس " الشيء الذي جعل بعض حرفاء هذا البنك يتوجهون لمختلف وكالاته لسحب أموالهم. قبل أن يعلم البنك بالدليل القاطع أن الأخبار المروجة أنذاك على شبكة "وات ساب" كانت عارية عن الصحة وقبل أن تقوم بعناء كبير تصحيح الوضع. ولكن ورغم ذلك الجهد فقد تأثرت الوضعية المالية للبنك والتي من أهم سماتها أن سعر سهم ال"متروك بنك" نزل إلى عشر مرات من قيمته في بضعة أيام.

"القدرة على التفكير النقدي"

ويعتبر عديد الخبراء أن من الأدوات التي يتوجب اعتمادها في المجال لمكافحة الأخبار الزائفة            والإشاعات هي ما يسمى "التربية على وسائل الإعلام" التي تكسب مستهلك الأنترنات و شبكاته الاجتماعية "القدرة على التفكير النقدي والتحليل العميق لكل ما نستهلكه" و إذن " عدم الانصياع وراء أي خبر يمكن أن يهدد الأوضاع مهما كانت طبيعتها".

و يفيد عديد المختصين في الاقتصاد أن صورة المؤسسات و مكوناتها من سمعة و شهرة و ثقة في منتوجاتها وفي الساهرين عليها كثيرا ما تشكل عنصرا هاما قادر عل أن  ينحت مصيرها وهو الذي تعتمد في ترويج منتوجاتها و جعل الحرفاء يقبلون على ما تقدمه في السوق من سلع و خدمات. ومن هذا المنطلق فإن المس بطريقة أو بأخرى بهذه الدعائم تضر بها. وقد بينت بعض الدراسات أن هذه الصورة تمثل رأس مال وتساهم في ضبط قيمة الأسهم في البورصات في العالم. وأن كل خبر مضلل قد ينجح في المس من المؤسسة الاقتصادية.

السلوكيات السليمة

وهو موضوع اهتم به يوم دراسي نظمه معهد الصحافة وعلوم الأخبار يوم 12 فيفري الماضي ضمن اللقاءات العلمية والبحثية التي ينظمها هذا المعهد. والذي أبرز ضرورة السعي لإدراج مادة قارة في البرامج الدراسية للحماية من هذه الأخبار الزائفة بالنظر إلى أهمية المدرسة في "تحصين" خاصة الشباب من مخاطر قد تسيئ إلى المجتمع عامة. وقد تدخل في هذا اليوم الدراسي عدد من أساتذة المعهد ومن المهنيين في قطاع الإعلام الذين أبرزوا بجلاء ضرورة اعتماد السلوكيات السليمة وبالأساس ثلاثة منها     و هي القدرة عل "الانتقاء" (التفريق بين ما هو صحيح و ما هو زائف) و" الادراك" (التفطن إلى ما هو تضليل) و النقد (إمكانية مراجعة ما يبث و ينشر) للتصدي لظاهرة الأخبار الزائفة.

وقد بين فيديو منجز من قبل طلبة المعهد بث خلال اليوم الدراسي أن عددا من جمهور الطلبة لم يسمعوا بال "التربية على وسائل الإعلام" وإن المعطيات التي تتوفر لدى البعض من هؤلاء عادة ما تكون منقوصة وغير دقيقة ولا تمكنهم دائما من التعرف بما فيه الكفاية على هذا المجال الحيوي. وقد أظهر اليوم الدراسي من جهة أخرى أن عددا من الناشطين في المجتمع المدني في بلادنا أحدثوا سنة 2020 "شبكة تونس للتربية على وسائل الاعلام" بهدف "تطوير متانة العلاقة بين التربية والإعلام" اللذان يعملان على بناء المجتمع الأفضل والارتقاء بالإنسان" خاصة في ظل "عصر الرقميات والتطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام والذي تمثل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية ليشمل المحتويات والمضامين والقدرة على صناعة المعلومات واستثمارها".

محمد قنطاره

التعليقات

علِّق