افتتاح الدورة الثانية لمهرجان "مواسم الإبداع": تكريم الراحل ياسر جرادي
رُفع الستار مساء امس الخميس بقاعة الفن الرابع بالعاصمة على فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الوطني للمسرح التونسي، التي ينظمها المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد ومؤسسة "ميكروكراد". وسجل حفل الافتتاح حضور أنيس خناش المكلف بتسيير ديوان وزيرة الشؤون الثقافية وكوكبة من أهل المسرح والثقافة والإبداع.
و ألقى المدير العام للمسرح الوطني التونسي معز المرابط كلمة أكد فيها على أن المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" هو جزء من رؤية المؤسسة للحفاظ على استمرارية الفعل المسرحي في تونس وتطويره، وجعله أداة لإثراء الذائقة الفنية للجماهير. وقد تم اختيار فضاءات مخصصة للعروض المسرحية، مثل "قاعة الفن الرابع" و"الأودوتيريوم" بقصر المسرح بالحلفاوين، لضمان تقديم العروض في بيئة تناسب الطابع الفني للمسرح وتضمن تفاعل الجمهور بشكل مثالي.
واستذكر المرابط في كلمته مميزات الدورة التأسيسية لمهرجان "مواسم الإبداع" التي أُطلقت السنة الماضية بالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد ومؤسسة ميكروكراد، مؤكدا أنها لم تكن مجرد احتفالية بالفن المسرحي، بل كانت رسالة تعبيرية عن دعم القضايا الإنسانية، كما تجلت في دعم المقاومة الفلسطينية ورفض العدوان الصهيوني على غزة. كما تمثل هذه التظاهرة خطوة هامة نحو إنشاء منصة دائمة لعرض تجارب المسرحيين التونسيين بمختلف أجيالهم وتوجهاتهم.
وتحدث عن تعزيز المهرجان هذا العام بأنشطة موازية مثل الندوات الفكرية والمعارض الفنية، بالإضافة إلى ورشات "ماستر كلاس" في مجالات التصوير الفوتوغرافي والفيديو والنقد المسرحي، وهو ما يعكس حرص المهرجان على تنمية المهارات الشبابية ودعمهم للإسهام في تطور المشهد الثقافي التونسي. وشدّد معز المرابط المهرجان على استمرار المهرجان من أجل تطوير الفعل المسرحي في تونس، قائلا إن المسرح سيظل دوما "أب الفنون" وأحد أهم الأدوات في نقل القيم الثقافية وتعزيز الوعي المجتمعي.
من جانبها، عبّرت المديرة العامة لمؤسسة "ميكروكراد" عواطف مشري عن دعمها المستمر للمسرح التونسي، قائلة إن هذه المؤسسة ستكون حاضرة دوما لدعم الفنان التونسي حتى يبدع كلّ في مجاله وتعود للمسرح ريادته المرجوة.
و تمّ خلال حفل الافتتاح تكريم فقيد الساحة الفنية والموسيقية ياسر جرادي الذي كان توفي يوم 12 أوت الماضي. واستقبل جمهور الفن الرابع على خشبة المسرح الفنانة الشابة أماني الرياحي والعازف زياد شقوان، فأدت "شبيك نسيتيني" وردّدت مع الجمهور "نحلف بعرق البناية". ومن رصيدها الخاص غنُت "كالعصفور وهو صغير".
وشهد حفل الافتتاح أيضا تقديم لجنة التحكيم المتكونة من الأساتذة رؤوف بن عمر (رئیس لجنة) وعبد الواحد مبروك وسعاد بن سلیمان وبسمة فرشیشي، وكذلك لجنة المشاهدة والانتقاء المتألفة من الصحفي لطفي العربي السنوسي(رئیس اللجنة) ومن الأعضاء سنیة زرق عیون وتوفیق العایب وسیف فرشیشي.
وتتسابق الأعمال، التي تمّ انتقاؤھا من ضمن 30 عملا مسرحیا ورد على ھیئة المھرجان، على جوائز مالیة قیمتھا الإجمالیة 80 ألف دینار. وتتوزع الجوائز على النحو التالي:
"جائزة الإخراج" و"جائزة النص المسرحي" و"جائزة السینوغرافیا" و"جائزة الأداء التمثیلي" (نساء) إلى جانب "جائزة الأداء التمثیلي" (رجال). ویبلغ مقدار كل جائزة من ھذه الجوائز 10 آلاف دینار تونسي.
أما الجائزة الجماعیة المرصودة فھي "الجائزة الكبرى للإبداع المسرحي التونسي" وتبلغ قیمتھا 30 ألف دینار تونسي.
ویواكب رواد المھرجان وأحباء الفن الرابع ندوة فكریة بعنوان "المسرح التونسي ورھاناته الإبداعیّة الجدیدة "، وذلك یومي 9 و10 نوفمبر، سیتم خلالھا طرح أربعة محاور رئیسیة ھي "المسرح ومضامینه الجدیدة و"المسرح والمستقبل" و"الكتابة المسرحیّة وأسئلة الدراماتورجیات الجدیدة" و"النقد المسرحي في مرایا المبدعین". ویتضمن برنامج التظاھرة أیضا معرضا فوتوغرافیا لقیس بن فرحات بعنوان "مونولوغ / مونوكروم" تحتضنه قاعة الفن الرابع من 3 نوفمبر 2024 إلى 31 جانفي 2025. ویوثق ھذا المعرض لعدد من الأعمال المسرحیة التونسیة على امتداد ثماني سنوات.
وتضمن برنامج هذه الدورة الثانية لمهرجان "مواسم الإبداع "ماستر كلاس" في التصویر الفوتوغرافي للمسرح من تأطیر قيس بن فرحات وورشة بعنوان "تصویر الفیدیو للمسرح" من تأطیر نضال ڤیڤة، إلى جانب ورشة "كتابة المقال النقدي في المسرح" من تأطیر الأستاذة فوزیة المزي. وخصّص المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع جمعیة عبد الوھاب بن عیاد جوائز تشجیعیة للفائزین الأوائل في ھذه الورشات بقیمة إجمالیة قدرھا 4.5 ألف دینار أي ما یعادل 1.5 ألف دینار لكل جائزة.
وتضامنا مع الشعب اللبناني الذي يتعرض للقصف المستمر من الكيان الصهيوني، يستضيف المسرح الوطني التونسي المخرجة والممثلة المسرحية اللبنانية حنان حاج علي لعرض عملها "جوكينج" خلال اليوم الختامي لهذه الدورة. وهذا العرض يحمل في مضامينه جوانب مظلمة، يتتبع قصص أربع نساء هن حنان نفسها، وميديا القديمة والمعاصرة التي إما أن تقتل أطفالها أو تضحي بهم على مذبح الحروب التي تعصف بالشرق الأوسط حيث يتوقف كل شيء على وجهة نظر. وهذا العمل مستلهم من حياة المخرجة "المرأة والأم والممثلة والمواطنة" التي تركض يوميا في شوارع بيروت لتتفادى التوتر والاكتئاب وهشاشة العظام. مسار صحي تتحول من خلاله إلى غوص في أعماق أحلامها وأعمق مخاوفها. إنه تحدٍ جذري للصور النمطية والأحكام المسبقة التي تثقل كاهل النساء في العالم العربي.
التعليقات
علِّق