إلى عرب الفوضى والجهل : إرفعوا أيديكم عن تونس لو ما زالت عندكم ذرّة واحدة كرامة

إلى عرب الفوضى والجهل : إرفعوا أيديكم عن تونس لو ما زالت عندكم ذرّة واحدة كرامة


بقطع النظر عن النتيجة التي آلت إليها عملية التصويت على لائحة سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنّوشي فإن الحقيقة الثابتة أن ما حدث اليوم درس بليغ يجب على بعض " الرعاع " أن يعوه جيّدا وأن يراجعوا حساباتهم من ألفها إلى يائها حفاظا على ما تبقّى لهم من ماء الوجه إذا سلّمنا طبعا بأن في وجوههم ماء أصلا .
ليس مهمّا أن نكون ضدّ راشد الغنوشي أو معه بقدر ما يهمّنا أننا قدّمنا مرّة أخرى الدليل القاطع على أننا نسير على درب الديمقراطية رغم بعض الهنات والعثرات والسلبيات التي تعتبر عادية جدا في بلد يعيش  تجربة ديمقراطية ناشئة . لكن يبدو أن بعض " العرب " مصمّمون على ألّا يتركونا في حالنا وعلى أن يحشروا أنوفهم الصدئة في شؤوننا التي لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد لكنّها تقضّ مضاجعهم في الجانب الذي يخص الديمقراطية والحريات .
هؤلاء العرب ( ومعهم جهات أخرى غير عربية ) لم يدّخروا أي جهد من أجل تقويض التجربة الديمقراطية التي تقلقهم ولا يتصوّرون مجرّد التصوّر أنها قد تحدث يوما في بلدانهم . ولعلّ  من نكد الدهر ومصائبه أن هؤلاء العرب يضعون أنفسهم في صورة المدرّس الذي يريد أن يلقّننا دروسا هو في الأصل يفتقدها ولا يعرفها ولا يعرف شيئا عنها سوى في الكتب أو في ما يطالع عبر الصحافة العالمية . لقد عشنا أبد الدهر نعرف أن فاقد الشيء لا يعطيه لكن هؤلاء العرب يريدون أن يقنعونا بأنهم قادرون على أن يعطونا شيئا يفتقدونه ونعني هنا الحرية والديمقراطية .
ولعلّ من نكد الدهر أيضا أن بعض هؤلاء العرب لا يكاد يجيد عمليّة التنفّس حتى وهو نائم بمفرده على فراشه الوثير خوفا وخشية من بطش حاكمه أو أميره أو ملكه لو علم بأنه يحلم ( في منامه ) بربع من يوجد عندنا من ديمقراطية ... هؤلاء الذين  يخافون من ظلالهم ولا يجرؤ أي منهم على نقد ناقة الحاكم في بلده حتى لو أتت على الأخضر واليابس من زرعه يريدون أن يعلّمونا الديمقراطية وكيف ننتخب ومن ننتخب وأي منوال سياسي ومجتمعي ننتهج ...إلى غير ذلك مما لا يوجد في بلدانهم أصلا .
ورغم الصفعة الجديدة التي تلقّاها بعضهم اليوم من خلال جلسة مجلس نواب الشعب ( وبقطع النظر عن النتيجة مثلما قلنا ) فإن هذا " البعض " ما زال متشبّثا بأمل أن يرى ديمقراطيتنا تسقط ذات يوم ليرضي غروره وجهله ... وما زال مستعدّا للبذل بكل سخاء من أجل هذا الهدف القذر كلّفه ذلك ما كلّفه . ولعلّ في ما دوّنه " مركز الإمارات للدراسات والإعلام  دليلا على هذا الإصرار العجيب على الغيّ وعلى مواصلة ركوب الخطأ والحال أنه لو كانت الدنيا دنيا لكان كل هؤلاء العرب في صفّنا ويساعدوننا حتى بالكلمة الطيّبة حتى لمجرّد أننا الاستثناء الوحيد الجميل في أمّة جبلت على الخنوع والخضوع  والتذلل لنوعية معيّنة من الحكام لم تعرف بعض البلدان العربية غيرهم منذ مئات السنين .
اليوم وقد نجحنا في امتحان جديد من امتحانات الديمقراطية العديدة   فهل آن الأوان  لهؤلاء العرب أن يتركونا لأنفسنا وأن يهتمّوا بما يزيدهم وما ينقصهم ؟. إننا مهما فعلوا ومهما أنفقوا من " أموال الصحراء " لن نتراجع ولن نحقق لهم رغباتهم كلّفنا ذلك ما كلّفنا . فنحن قوم لنا أمجاد وتاريخ ضارب في القدم ... نختلف ... يتشنّج بعضنا ضدّ البعض الآخر لكننا في النهاية تونسيون نؤمن ( أو يؤمن أغلبنا عل الأقل ) بأن وطننا تونس يسعنا جميعا وفيه نستطيع أن نعيش ونتعايش وأن نفضّ خلافاتنا بآليات الديمقراطية وليس بآليات الفوضى والتدمير التي يريدون .
إفهموها إذن أيها العرب وارفعوا أيديكم عن تونس . فنحن لسنا في حاجة إلى  " دروسكم " التي لو كان فيها خير أو كانت نافعة لنفعتكم أنتم في المقام الأول .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق