إلى سياسيّي هذه البلاد : آتركوا التعالي والغرور وخذوا الدروس من هذا " الفقير "

إلى سياسيّي هذه البلاد : آتركوا التعالي والغرور وخذوا الدروس من هذا " الفقير "

 

منذ حوالي 5 سنوات لم تهدأ طاحونة الصراعات السياسية في البلاد بين الأحزاب التي فاق عددها في وقت من الأوقات 160 حزبا وصحّ على أغلبها القول " الكثرة وقلّة البركة " . ورغم تعاقب الحكومات والمسؤولين على كافة المستويات لم يتوصّل أي طرف إلى المعادلة الصحيحة والمنطقية للنهوض بالبلاد وحماية شبابها خاصة من خطر الإنزلاق نحو التطرف والإرهاب بعيدا عن الشعارات التي أثبت الزمن زيف أغلبها إلى جانب زيف النوايا لدى أغلب مسؤولي هذه البلاد .
وفي خضمّ عجز السياسيين التام عن توفير الحلول والتخطيط السليم للخروج بالبلاد من أزماتها العديدة التي باتت تنذر بما هو أسوأ يطلع علينا شاب بسيط من قلب الحدث أي منطقة " السلاطنية " التي ما زالت تعيش على وقع الجريمة النكراء التي ذهب ضحيّتها ابن عمّه الطفل الراعي الشهيد مبروك السلطاني ليلقّن كافة السياسيين درسا عميقا  لا نظنّ أنهم  سيشيحون بوجوههم عنه إذا أرادوا فعلا أخذ العبرة منه دون تعال أو غرور.
لقد تحدّث الشاب البسيط نسيم السلطاني بلغة يفهمها القوم على بكرة أبيهم إلا الذين لا يريدون أن يفهموا . وضع إصبعه على مكامن الداء وقد كان على هؤلاء الساسة أن يكونوا عارفين بها قبله ... قال في خطاب أقوى من كافة الخطب السياسية البراقة الجوفاء إن مشاكل المهمّشين في الأرض ليست لغزا عصيّا عن الفهم والإدراك بل هي سهلة وبسيطة وحلولها أيضا سهلة وبسيطة  ولا تتطلّب مال قارون أو كنوز علي بابا مثلما يدّعي الكثيرون . لقد قدّم هذا الشاب البسيط حلولا سهلة عجزت حكومة  بكافة وزاراتها المعنية ورئاسة  الجمهورية ومجلس نواب الشعب وكافة الأحزاب عن الإهتداء إليها ومن هذه الحلول التي جلبت الإنتباه إعادة فتح الثكنة العسكرية التي كانت موجودة بالمنطقة وأغلقت لأسباب مجهولة وانتداب شبان الجهة الذين يعرفون أرضها وجبالها وتضاريسها وكل ما يوجد فيها وهم الذين سيكونون في مقدمة حماتها وتحصينها من آفة الإرهاب وكافة الآفات الأخرى . فهل هذا صعب على دولة ما فتئ مسؤولوها يقولون  ما لا يفعلون ويبحثون عن حلول في الهند وهي أمام أنوفهم ؟. لقد قالها لهم هذا الشاب  " بالفلّاقي " إن الإرهاب قادر على إغوائهم وشرائهم بالمال لأن  من يأكل " الخبّيزة والخرشف "  غصبا عنه بسبب الفقرمهيّأ بصفة طبيعية للإلتحاق بصفوف الإرهاب خاصة إذا تأكد من أن الدولة المسؤولة عنه وعن أمنه وغذائه وأرضه وعرضه غير قادرة على توفير أي شيء من الأشياء المفروضة عليها . وقد أعطى هذا الشاب للجميع دون استثناء أبلغ الدروس في الوطنية عندما قال إنه وأمثاله من الشباب المحرومين المحبطين يرفضون السقوط في براثن الإرهاب رغم حجم الفقر والخصاصة والإحتياج والمرض والمطر الذي يمنعهم من الخروج من مخابئهم ( بعضها لا يصحّ أن نسميها منازل ) للذهاب إلى السوق البعيدة من أجل رغيف الخبز ... ورغم اليأس من المستقبل الذي لخّصه أمس في جملة بليغة عندما قال : " بلغتنا معلومة أنه لا جدوى من الدراسة لنا جميعا أبناء المناطق الفقيرة ...  وأن من يسعفه الحظ فينجح عليه أن يدفع كذا وكذا رشوة للحصول على فرصة عمل ...قد تصحّ وقد لا تصح..." .
الآن وبعد أن سمعنا هذا الشاب في كلامه الموزون الذي يعجز عن الإتيان بمثله أكبر دكاترة التنظير و " خبراء " آخر زمان في كل شيء أما آن الأوان أن يخجل السياسيون بمختلف توجهاتهم ومشاربهم  من أنفسهم من هذا الشاب البسيط الذي قزّمهم وأعطى أغلبهم حجمه الحقيقي ؟ . ألم يحن الوقت كي تغيّر الحكومة أسلوبها في التعامل مع الواقع من منطلق واقعي وأن تنزل إلى الميدان وتستعين بهؤلاء الشباب لتشخيص حالة البلاد قبل تقديم مقترحات الحلول لأن هؤلاء أدرى من الحكومة ومن كافة الموظفين المتعاقدين مع اللجوء السياسي في مكاتبهم 12 شهرا على 12 بالواقع والحلول لأنهم هم من يدوسون على الجمر وهم الذين يشعرون بآلام الجمر ؟.
جمال المالكي

التعليقات

علِّق