إلى " جهابذة " التحليل السياسي: لماذا تصدّقون نتائج نبيل بالعمّ وترفضون بشدّة آراء 540 ألفا من التونسيين ؟

إلى " جهابذة " التحليل السياسي:  لماذا تصدّقون نتائج نبيل بالعمّ وترفضون  بشدّة آراء 540 ألفا من التونسيين ؟

قدّم نبيل بالعمّ ( مدير شركة إيمرود كونسولتينغ ) يوم أمس في قناة التاسعة نتائج عملية " سبر آراء " تعوّد القيام بها شهريّا في ما يعرف باسم " البارومتر السياسي " الشهري.

وبقطع النظر عن رأيي الخاص في هذا النوع من العمليات التي أعتبرها اليوم وأمس وغدا وإلى يوم الدين مغالطات وخرافات لا تعكس إلا آراء أصحابها وما يريدون إيصاله للناس " لغايات في نفس يعقوب " فقد أردت مناقشة بعض الأمور التي تتعلّق بهذه العملية الخاصة بشهر مارس 2022 ...وكل ما سألاحظه ينسحب حتما على  كافة العمليات السابقة.

وفي إجابة عن طبيعة العملية والعيّنة التي اعتمد عليها قال نبيل بالعمّ " إن العينة شملت 1080 شخصا  موزّعين على 24 ولاية ... وقد شملت المناطق الحضرية ( المدن و التجمعات السكنية الكبرى  والمناطق الريفيّة )  وتمثّل مختلف الفئات العمرية والمستويات التعليميّة "... وهذا بالنسبة لي بيت القصيد الأساسي. فبعلمية حسابية بسيطة نفهم أن العيّنة ( إذا كانت العملية صحيحة طبعا ) شملت 45 شخصا من كل ولاية . وإذا اعتبرنا أن كل ولاية تضمّ على الأقل 10 معتمديات فإن عدد المستجوبين في كل معتمدية لا يتعدّى  4 مستجوبين ونصف مستجوب ... وعلى سبيل المثال فإن معتمدية تونس العاصمة التي يفوق عدد سكانها 990 ألفا من البشر لم يتم فيها استجواب أكثر من 4.5 من البشر ... وهذا العدد ينطق عن نفسه ويعبّر بكل وضوح عن " شفافية " العملية  ومصداقيتها .

وهنا أريد أن أسأل السيد نبيل بالعمّ : هل أنت مقتنع في قرارك نفسك بأنك تقوم بعمل صادق ومفيد وهل تعتبر أن 4.5 من البشر عدد كاف يعكس آراء حوالي 12 مليون بشر وتوجّهاتهم في العموم ؟. لقد تحدّثت يوم أمس ( وفي مرات عديدة سابقة ) عن " الأسلوب العلمي الدقيق " الذي تعتمده ومن معك في عمليات سبر الآراء فهل تسمّي هذا  " طريقة علميّة "  وما علاقتها بالمنهج العلمي أصلا؟؟؟.

وعندما سئل نبيل بالعمّ لماذا يعتمد أسماء أحزاب غير موجودة أصلا على غرار " حزب قيس سعيّد " وحزب الصافي سعيد قال إنه " لا يوجّه آراء المستجوبين " . وهنا أسأله هل من المنهج العلمي أن تقبل شركة سبر آراء تحترم نفسها والمتعاملين معها وتدّعي أنها تعمل حسب منهج علمي دقيق أن تعتمد أشياء وهميّة وهي تعرف أنها وهميّة ؟. هل إن منطق عدم التأثير وتوجيه آراء المستجوبين يبيح اعتماد نتائج من وحي الخيال؟. وبمعنى آخر هل يمكن للتونسيين أن يثقوا في نتائج تعتمد على الوهم والخيال؟.

إن قناعتي تزداد يوما بعد في أن شركات سبر الآراء عندنا في تونس ( على بعضها ) لا علاقة لها بالعلم والموضوعيّة والمنطق. وبالرغم من كافة الانتقادات الموجّهة لها وكافة الشكوك التي تحوم حول ما تقوم به منذ سنوات طويلة ما زالت هذه الشركات تعمل وفق " المنطق ذاته " بدليل أنها ترضي أطرافا معيّنة في أوقات معيّنة وتغضب نفس الأطراف في أوقات أخرى لأن النتائج ليست دائما " حسب هوى " تلك الأطراف ... ولا فائدة في ذكر المزيد من  التفاصيل التي بات أغلب التونسيين يعرفونها.

بقيت ملحوظة مهمّة جدّا : فقد لاحظت الكثير من " عباقرة التحليل السياسي " في أكثر من قناة وأكثر من " بلاتو " يعبّرون عن رضاهم وعن اقتناعهم بنتائج " استشارة " بالعمّ التي لم تشمل أكثر من 4.5 من الناس ولا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تعكس آراء التونسيين وفي نفس الوقت يعارضون ويرفضون  بشدّة " الاستشارة الوطنية " التي شملت  حوالي 540 ألفا من التونسيين أي بمعدّل حوالي 22500 تونسي في كل ولاية . والسؤال هنا وبرغم كافة هنات الاستشارة الوطنية ونقائصها : أيّهما أكثر تعبيرا عن آراء التونسيين عيّنة من 540 ألفا أم عيّنة من 1080 مواطنا ؟؟؟.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق