إعلان ضياع

إعلان ضياع

 


لم تكن المسيرات التي انتظمت يوم السبت الماضي بساحة باردو ويوم الاثنين بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ، سوى التعبير الأوضح عن أحد مظاهر الأزمة والانقسام الذي اجتاح الشارع التونسي منذ تقديم بشرى بلحاج حميدة  الى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي تقريرها حول المساواة والحريات وما أحدثه من سجال حاد بالنظر الى احتوائه لفصول قانونية وتنقيحات تتعارض كليّا مع الشريعة الاسلامية ودين الدولة كما ينصّه الدستور  .
في خضم هذه التداعيات، جاء موقف مفتي الجمهورية عثمان بطيّخ سلبي الى أقصى درجة ، رغم أن التقرير الذي أعدته هيئة الحريات والمساواة مسّ جوهريا عديد التشريعات الاسلامية الواضحة على غرار المهر والعدّة وملف الإرث والتبنّي وجرائم اللواط والزنا وغيرها من المواضيع الاخرى التي حسمها القانون التونسي والاسلام منذ عقود ، لكن سماحة المفتي خيّر الصمت والاختفاءوكأن الأمر لا يعنيه ، ليفسح المجال لأشخاص لا دراية لهم بالدين الاسلامي ليقدموا فتاويهم في المنابر التلفزية والاذاعات حول المسائل الفقية والشرعية .
والغريب في الامر ان دار الافتاء التونسية كانت مواقفها  إيجابية وحاسمة منذ عقود كلما تعلق الامر باختلاف مجتمعي أو ثقافي حول مسألة دينية معينة ، وكانت للمدرسة الزيتونية والخلدونية طيلة فترة الانتداب الفرنسي على تونس، والتي امتدت إلى ثلاثة أرباع القرن، دور هام في المحافظة على الهوية العربية والإسلامية للبلاد التونسية، أمام محاولات الطمس والتغريب للمستعمر الفرنسي ، لكن كل تلك النضالات تبخّرت اليوم مع المفتي الحاضر الغائب عثمان بطيخ ، الذي صار دوره لا يقتصر سوى على الظهور في مناسبتين سنويّا للاعلان عن موعدي شهر رمضان وعيد الفطر المبارك .
وأمام الصمت المريب لسماحة المفتي ، يتساءل كثيرون ان كان المفتي الموقّر سيستفيق من سباته ويتدخل لحسم النقاط الخلافية في تقرير لجنة الحريات والمساواة أم أنه سيواصل " النوم في العسل " ؟ .

التعليقات

علِّق