إضراب البريد متواصل : جريمة في حق مئات الآلاف من الناس واتحاد الشغل " غائب عن الوجود " ؟؟؟

إضراب البريد متواصل : جريمة في حق مئات الآلاف من الناس  واتحاد الشغل " غائب عن الوجود " ؟؟؟

مع انبلاج فجر هذا اليوم الاثنين 26 أوت 2019 ظنّ الكثير من المواطنين أن أزمة البريد قد تكون فرجت وأن الإضراب الذي شنّه أعوان البريد وموظفوه قد يكون انتهى بشكل أو بآخر خاصة أنه تناهى إلى أسماعهم  أن المفاوضات بين الحكومة وممثلي القطاع ربّما أفضت إلى نتائج ستعجّل بإنهاء الأزمة  وبالتالي إنهاء الإضراب .
ومنذ اللحظات الأولى للتوقيت الإدارة ذهب آلاف المواطنين إلى مكاتب البريد على أمل أن يجدوها مفتوحة فيتمكنون من قضاء شؤونهم مثلما تعوّدوا مع نهاية كل شهر . إلا أن الخيبة كانت كبيرة لدى هؤلاء الذين لم يفهموا شيئا مما يحدث ويدور. فأمام مكاتب  البريد لا تسمع إلا عبارة واحدة تتكرّر في اللحظة ألف مرّة وهي " زعمة باش يحلّو ؟؟؟ ". وكانت الإجابة على الميدان لأنهم فعلا " ما حلّوش " ولم يكلّفوا أنفسهم حتى مجرّد تعليق ورقة أمام كل مكتب للإعلام بأنهم ما زالوا في حالة إضراب .
وبما أن الأمور تسير بهذا الشكل " الرعواني " فإن حقيقة  ما يحدث لا يمكن أن نطلق عليه تسمية أخرى غير الجريمة . فقد شاهدنا في بعض المناطق مئات من الناس ينتظرون أمام مكاتب البريد ...أغلبهم من كبار السنّ الذين جاؤوا لسحب " زوز صوردي " تعينهم على هموم الحياة خاصة في هذا الظرف الذي يأتي بعد العيد الذي طاف على جيوبهم فأفرغها وقبيل العودة المدرسية وما أدراك ما العودة ومشاكلها ومتطلباتها . وقد رأينا أشخاصا أتوا على كراس  يدويّة متحركة وانتظروا ساعات ثم انصرفوا منكسرين ... يلعن بعضهم في سرّه وجهره البريد ورائحة البريد وكل من جعلهم تحت رحمة البريد .
وفي كافة الأحوال وفي ظل هذا الاستهتار بمصالح الناس وعدم الاكتراث بهم وبظروفهم التعيسة يمكن التأكيد أن هذا الإضراب الذي عطّل كل شيء جريمة ثابتة الأركان في حق المواطنين . ولعلّ ما يزيد في حيرة الناس أجمعين موقف اتحاد الشغل من هذا الإضراب وكيف يسمح الاتحاد لنقاباته بالعبث بمصالح المواطنين خاصة  أن هذه النقابات اختارت توقيتا " خبيثا " لتنفيذ الإضراب وهو الأيام العشرة الأخيرة من الشهر وهي مثلما نعلم أكثر أيام الشهر حركة ونشاطا في مكاتب البريد ومختلف مصالحه . فالاتحاد لم يحسم إلى حد الآن موقفه من هذا " الإضراب الغاشم " الذي ألحق بالناس أضرارا لا يمكن أن تجبر ولا فائدة في ذكرها لأن الجميع يعرفها أو يمكن أن يتخيّلها .
وعلى هذا الأساس مطلوب من الاتحاد  أن يوقف هذا الإضراب فورا وتبقى للنقابات حرية استئنافه بعد أن يقضي الناس شؤونهم ونخص بالذكر المتقاعدين الذين لا منصف ولا منقذ لهم سوى تلك الملاليم التي ينتظرونها بداية من يوم 24 من كل شهر. وإذا لم يفعل الاتحاد ما هو منتظر منه  سيصحّ فيه قول بعض الناس الذين باتوا مقتنعين بأن الاتحاد لم يعد نصير الضعفاء والمظلومين  لأنه يدافع  حتى عن " الظالمين " بقطع النظر عن طلبات البريديين إن كانت مشروعة أو غير مشروعة .
جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق