أيحق لنا أن نحتفل باليوم العالمي للإذاعة؟

محمد شلبي
يوم الخامس من ماي 2015 كان وزير الاتصالات السيد نعمان الفهري يتحدث عن التلفزة الرقمية الأرضية في حفل تدشين إذاعة راديو ماد. لم استسغ الحديث لأمرين، لكون المناسبة تقتضي حديثا عن الإذاعة أولا و لصمت تونس عن تاريخ 17 جوان ، 2020 تاريخ اندثار الأف آم و تعميم الإذاعة الرقمية ثانيا. استوقفته و بينت له الأمر في نحو عشر دقائق. أنصت إلي ثم قال لي إنه يسمع عن هذا للمرة الأولى. نادى مساعديه و طلب منهم أن يتصلوا بي لا حقا. مازلت أنتظر.
دول أوروبا و أمريكا الآن في الطريق لتكون جاهزة ليوم 17 جوان 2020 و عدد منها أكمل المهمة كما هو شأن السويد مثلا التي مرت منذ نحو عام إلى الإذاعة الرقمية إنتاجا و بثا و استقبالا و تخزينا. عدد من البلدان الأسيوية في السبيل بتفاوت. بقي العالم العربي و أفريقيا إلا بلد مانديلا الذي بدأ قبل شهور في البث الرقمي التجريبي على بريتوريا.
و الإذاعة الرقمية تقتضي وقتا لاختيار التكنولوجيا التي سيتم اعتمادها، و إن كان هناك إجماع الآن على تكنولوجيا DAB+ ، و تقتضي وقتا أطول في اختيار نمط تغطية تراب البلاد إما بالتعميم حتى تكون الإذاعات كلها على قدم مساواة و إما بتقسيم البلاد إلى مناطق أشبه بالجزر و تقتضي وقتا في اختيار أجهزة الالتقاط حتى يتعود الناس عليها.
و الأهم من هذا كله أن الإذاعة الرقمية ليست تكنولوجيا فحسب بل هي مسألة اختيارات تحريرية و سوق إشهار و تطوير مهارات و نماذج اقتصادية و تعوّد على أنماط إنتاج و أنماط استهلاك جديدة.
و يقتضي المنطق أن تختار تونس كما تفعل بلدان العالم جميعا البث الرقمي المُعمم و هو أمر يعني عمليا أن الإذاعات كلها ستكون على قدم مساواة تغطي البلاد كاملة بالجودة نفسها أنّى كان منطلق بثها. هذه الوضعية الجديدة ستجبر المؤسسات الإذاعية على مراجعة مضامينها و إلا ستكون نسخا من بعضها البعض. و البحث عن هوية جديدة تصورا و إنجازا ليس بالأمر الهين.
لماذا هذا الصمت و من المسؤول عنه؟ الصمت مرده جهل بالأمر أو تهاون و لا أرى تفسيرا له غير ذلك. أما المسؤولية فمشتركة بين الجهاز الحكومي المكلف بذلك تكنولوجيا و الهايكا استشرافا. تونس عضو في الاتحاد الدولي للمواصلات و هي تعلم ضرورة ما قرره الاتحاد. و المهندسون في الاتصالات يعلمون الجهد و الوقت اللذين تقتضيهما العملية. و تعلم الهايكا أن المرسوم 116 يجبرها في الفصل 20 أن تُضمّن تقريرها السنوي" المعطيات المتعلقة بمخطط الترددات" . هل فعلت في تقريرها السنوي الأول؟
قبل سنتين زار تونس السيد رشيد أعراب و تحدث مع أعضاء الهايكا. و ما السيد أعراب إلا المكلف بملف الإذاعة الرقمية في المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في فرنسا. إذا لم يتحدث مع زملائه التونسيين في الموضوع فعمّ تحدث معهم؟ و عمّ سألوه و لمَ قدومه إلى تونس أصلا.
أخشى أن يكون يوم 13 فيفري 2021 يوم نحيب على الإذاعة في تونس عندما تكون جنوب أفريقيا تحتفل بإذاعتها الرقمية، ذلك البلد الذي كان مع تونس على رأس قائمة البلدان الأفريقية في مجال الأنترنت قبل نحو 20 عاما.
للمزيد عن الإذاعة الرقمية http://www.asbu.net/asbutext/pdf/2009_02_057.pdf
التعليقات
علِّق