أولاد مفيدة 4: جاء ليتمّم مفاسد الأخلاق

أولاد  مفيدة 4:  جاء ليتمّم مفاسد الأخلاق

بقلم : أحمد محفوظ 

جرت العادة في تونس أن يكون الانتاج الدرامي موجها لشهر رمضان حيث تتنافس القنوات على كثرتها  في بث مسلسلاتها التي تتراوح بين الغث والسمين ويكثر التسابق من أجل نسب المشاهدة و خاصة كسب أكثر ما يمكن من المداخيل الاشهارية.
ولئن كان هذا التسابق مشروعا في إطار المنافسة و التطوير إلا أن محتوى بعض المسلسلات سقطت إلى الدناءة والانحدار الأخلاقي، فلا اعتبار للعائلة و لا اعتبار لهذا الجيل الصاعد - جيل ما بعد الثورة- الذي تفسخ أخلاقيا من خلال ما نراه في شوارعنا من ممارسات و ألفاظ  يندى لها الجبين.
"أولاد مفيدة" في جزئه الرابع جاء ليتمم مفاسد الأخلاق وهذا ليس هجوما على أفكار "سامي الفهري" حتى لا يذهب الى بال البعض أنه تحامل على شخصه، إنما هو نبض الشارع و ما نراه من تعليقات سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو في الشارع التونسي.
مع أولى حلقاته تفاجئ الجميع بهذا الكم الهائل من التفسخ الأخلاقي ومشاهد العنف التي وصلت حتى إلى قتل شرطي بكل برودة دم بالإضافة إلى تناول موضوع "الزطلة" والكحول في كل موسم.
قد يقول البعض أن مسلسلاتنا تعكس واقعنا... نعم صحيح هو واقعنا و لا أحد ينكر هذا، ولكن عوض أن نصلحه نزيد في الطين بلة و نعمق أكثر هذه الممارسات اللاأخلاقية في عقل هذا الجيل المحبط اصلا...
المصيبة العظمى هي سكوت الهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي البصري وكأنها لم ترى شيئا، فأين دورها الرقابي؟ وأين تدخلاتها؟ وماذنب المشاهد التونسي في كل هذا؟
"أولاد مفيدة"4 في أولى حلقاته و بكل ما يتضمنه من أسماء قديرة جسدت شخصياته في هذا الموسم مثل وحيدة الدريدي وفتحي الهداوي ونادرة لملوم وهشام رستم و غيرهم سقط في بئر اللاأخلاقيات و جعل الجميع يتحدث عن تفاصيل المسلسل المشطة في الوقاحة وقلة الحياء وما خفي أعظم وأكبر ليرسخ أكثر مفاهيم الإجرام والعنف في هذا الجيل الذي أصبح بدوره يتشبه بشخصيات اختارت الوشم مثلا كموضة ورمز للتعبير عن الذات بالاضافة إلى تناول الخمر في الطرقات بكل حرية.
و على ذكر الخمر – حاشا هذا الشهر الكريم – تفاجئ الجميع بمشهد تلك الممثلة النكرة التي تمسك بالجعة و تحتسيها بشكل عادي يقابلها ممثل يدخن "جونتا" و كأن شيئا لم يكن !!
إذن ماذا ننتظر من جيل نسوق له مثل هذه المشاهد؟ و هل سنراهن عليه مستقبلا لاخراج البلاد مما هي فيه من بلاء؟
اللوم ليس على هذا الجيل في الأساس، اللوم على السموم التي تبثها هذه القنوات و غياب المراقبة من الهايكا النائمة في العسل على ما يبدو...
وما زاد الدهشة هو تبرير هذا الاجرام في حق المشاهد التونسي فقد ذكرت الممثلة وحيدة الدريري التي تجسد دور مفيدة عبر تدوينة طويلة لها على الفيسبوك قائلة ما يلي :
"الي اطالبوا بمقاطعة اولاد مفيدة من الاولياء عندكم الحق بالفعل قداش منو الواحد. المخدرات أمام المدارس الابتدائية و الاعدادية تتوزع على الصغيرات و نزيدو نحطوها في المسلسل ياسر ... رجال الامن يقتلوهم المهربين في الطرقات و يدهسوهم بكراهبهم و يلوذون بالفرار"
وأضافت : " بيرة في يد الطفلة .... افساد الشبيبة ..خاطر شواطئ الضاحية الشمالية في الشتاء و الصيف و بقية البحورات مافيهاش بنات و اطفال يدفعوا الفلوس لمنحرفين راشدين باش يشريولهم و يشربوا دون السن القانونية..."
بالفعل سيدتي المحترمة كلامك في الصميم و صحيح الف بالمائة ولكن، أين رسالتك الفنية ؟ هل نكتفي بنقل الواقع المرير أم نعمل على تغييره للأفضل ؟ هل نشجع على التفسخ الأخلاقي ؟ أليس من الأجدر أن يلعب كل منا مكانه دورا لإنقاذ هذا الشباب ؟
بالعكس مثل هذه المسلسلات تزيدهم رغبة في المضي قدما نحو الإجرام و التفسخ الأخلاقي إلا ما رحم ربي، خاصة أن ما يتم بثه  يأتي في شهر كريم كان من المفروض أن تحترموا قدوسيته.
قد يقول قائل تلك المقولة الشهيرة : ما عجبكش ما تتفرجش و بيناتنا فلسة"... نعم ذلك الزر موجود و لكن منصات التواصل الاجتماعي لا مفر منها و الأكيد أن الذي لم يشاهد المسلسل ستمر عليه لقطة أو مشهد عبرها و سيتم تداولها وفي النهاية الرسالة تصل الى من يشاهدها و نسأل الله السلامة لهذا الجيل الذي ما زال فيه خير كثير ويبقى باب الأمل مفتوحا و نتفاءل خيرا لما هو قادم .

التعليقات

علِّق