أمين قارة يتندّر بتهكّم على طه حسين..وينعت تونس ب"العمياء"

أمين قارة يتندّر بتهكّم على طه حسين..وينعت تونس ب"العمياء"

" البلاد هذي تدهدص كي طه حسين " بهذه الكلمات علّق الجهبذ الإعلامي أمين قارة على الوضع العام في تونس خلال أحد البرامج الإذاعية ، حين شبّه الوضع العام الذي تشهده البلاد بألم فقد البصر التي عانى منها الأديب المصري الرائع والراحل طه حسين .

تشبيه لم يرد طبعا على لسان صاحب احدى المعلّقات الشهيرة..وهو كلام يعكس في شكله ومضمونه متانة التأسيس لفرد من المؤلم أنه بات أحد قادة الرأي العام في تونس ومرجعا لا يستهان به وهو مصدر اعتداد وفخر للكثيرين..

تصريحات قارة لاقت لدى الغالبية موجة سخرية وتندّر عبر شبكات التواصل الإجتماعي ، وساد اجماع على أن قارة استعمل عبارات " ركيكة " وخاطئة عند توظيفه بطريقة مسقطة وموغلة في الرداءة وجيعة فقدان البصر التي عانى منها " العملاق " طه حسين في ربط سخيف منه مع الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الحالي في تونس..ولكنه تشبيه كشف مجددا أن فقدان البصيرة أشد وطأة وألما لفاقديها وخاصة من الشخصيات العامة التي تحتكر المصدح والصورة وكلّ المنابر..بمثل هذه الكليشيات طبعا وليس نظير تميّزها.. .

الأديب الراحل طه حسين لم يكن في يوما من الأيام " يدهدص " خلافا لمزاعم قارة وقراءاته المتفردة ، بل كانت بصيرته مفتوحة أكثر ممن يتمتعون بنعمة النظر، وهو ما جعله يحفظ الستين في الخامسة من عمره ويصدر عشرات الكتب والروايات الأدبية التي ظلت خالدة الى اليوم وكانت " نورا " للأجيال السابقة واللاحقة .

صاحب روايات " الأيام " و" دعاء الكروان " و" المعذبون في الأرض " تحصل على عشرات الجوائز العالمية وكان علمه ملهما لعديد العلماء والأدباء ولعل أبرزهم نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل في الآداب سنة 1988..صاحب كل هذا الزخم من الابداع لم يكن يدرك يوما أن ما وضعته له الأقدار الالهية سيمثّل مصدر تندّر من اعلامي تونسي "يعكّز" قولا وفعلا ولا صلة له بمآثر طه حسين بما في ذلك حتى المعهد الثانوي الذي يحمل اسمه في الضاحية الجنوبية للعاصمة حيث نشأ وترعرع الصحفي الجهبذ ولم يقرأ على ما يبدو قليلا من روائع أسطورة الأدب العربي..ولولا بقية حياء لاعتبر صديقنا أن منوعته الصباحية وطلّته البهية تلفزيا هي الأولى عالميا ولأردف مقاربته حول طه حسين بالبيت الشعري الشهير:

أنا الـذي نظـَرَ الأعمى إلى أدبــي.. وأسْمَعَـتْ كلماتـي مَـنْ بـه صَمَـمُ

قارة ارتكب سقطة أخلاقية قبل أن تكون مهنية..فما يقدمه تلفزيا واذاعيا خارج عن التصنيفات الكلاسيكية التي نعلمها ودرسناها عن الاعلام بمختلف صنوفه..وحتى لا "تدهص" مسيرته أكثر وبشكل سريع على شاكلة ما يقدمه من "فاست فود" قد يكون مآله التعفن وهذا ما لا نتمناه له..فهو مطالب بتعديل الرمي وتحسين مراجعه وأن ينهل من "عيون" الشعر العربي وأدبه حتى يدعم مكتسباته وبصيرته ولا يقع سريعا وصغيرا أسير الزعامة الوهمية والكبرياء والنرجسية الجوفاء..

شكري الشيحي 

التعليقات

علِّق