أمام تكرر المهازل وخسائر الدولة بالمليارات : لا حلّ إلا في جعل مواقع إنتاج الطاقة مناطق عسكرية مغلقة

أمام تكرر المهازل وخسائر الدولة بالمليارات : لا حلّ إلا في جعل مواقع  إنتاج الطاقة مناطق عسكرية  مغلقة

من حين لآخر تطالعنا الوقائع والأنباء بخبر تعطيل إنتاج المحروقات بحقل ما ... ويتّضح بسرعة أن من يقومون بذلك لا علاقة لهم بالشركة التي تتولى استغلال الحقل ..والأمثلة هنا كثيرة وعديدة . ومن بين هذه الغرائب المتجددة قيام عمال بشركة   طينة للخدمات البترولية " Thyna Petroloum Services " بإضراب بيومين ( الاثنين والثلاثاء ) مطالبين بالرفع من منحة الإحالة على التقاعد . وتبعا لذلك فقد قاموا بتعطيل الإنتاج بالموقع التابع لشركة " بانورو " النرويجية البترولية  التي تنتج 4500 برميل من النفط الخام يوميا وتستخلص الدولة التونسية منها 50 بالمائة من عائدات الانتاج.

  وإذا علمنا بأن هؤلاء  المضربين عن العمل لا علاقة لهم بهذه الشركة  التي توكل لشركتهم بعض الخدمات لا غير أي أنهم ليسوا من عمالها أصلا فإن السؤال الذي لا أحد يجيب عنه إلى حد الآن هو : بأي حق يقوم هؤلاء العمال بتعطيل إنتاج شركة لا يعملون بها أصلا للمطالبة بمنحة لا علاقة للشركة بها لا من قريب ولا من بعيد؟؟؟.

 

ومن جهة أخرى ودائما في إطار العبث والفوضى الغريبة قام عمال من شركة البيئة والغراسة والبستنة بقبلّي بتعطيل الإنتاج في حقلين تابعين لشركتي " Serinus Energy

 "  و " مزارين  " البتروليتين علما بأن طاقة الإنتاج بهذين الموقعين تقدّر بنحو 800 برميل و 3500 برميل على التوالي. وتقدّ الخسائر اليومية التي تتكبّدها الدولة التونسية باعتبار أنها شريك في هذه المواقع بما لا يقلّ عن 344 ألف دينار في هذين الموقعين فقط  إذا اعتبرنا أن ثمن البرميل الواحد في حدود 80 دولارا أمريكيا.

وليست هذه المرة الأولى التي يضغط فيها عمال هذه الشركة  على السلط لتلبية طلباتهم (  أجور معطلة أو منح أو غيرها )  إذ سبق لهم في أكثر من مناسبة أن أغلقوا  كل المنافذ المؤدية إلى مواقع إنتاج شركة " مزارين " الطاقية بمنطقة الفوار  رغم أنهم  مثلما قلنا لا تربطهم أية علاقة بها.

وبالرغم من الخسائر المادية الجمة التي تتكبدها الدولة يوميا من جراء هذا التعطيل للإنتاج في مختلف مواقع الإنتاج باعتبار أن جل مداخيل استغلال الحقول النفطية تعود إليها  فإن السلط لم تقدم  ولو في مرة واحدة على  التصدّي لهذه " الفوضى المنظّمة " مما شجع نقابات عمال شركة البيئة والغراسة والبستنة على التصعيد والتهديد بغلق كل مواقع الإنتاج في الجهة في مرات عديدة.

ولعل الغريب أن الإتحاد الجهوي للشغل بقبلي  ما انفكّ  يتبنى هذا التحرّكات الفوضوية  ويهدد بالتصعيد وغلق مواقع الإنتاج وتكبيد الدولة خسائر كبرى من خلال احتجاز عمال ومنع  نشاط شركات لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بعمال شركة البستنة والغراسة والبيئة التي تعد من أكبر ملفات الفساد في الدولة باعتبار أنها توزع الأجور على عشرات الآلاف من العمال في جهات مختلفة من البلاد دون أن يقوموا بأي عمل يذكر... ودون أن يغرسوا ربع شجرة خلال عشر سنوات على الأقل.

وبناء على كل ما نعرفه  ويعرفه الكثير من التونسيين من معلومات عن هذه الملفّات  نرى أنه لابدّ على الدولة أن تختار أحد أمرين : إما أن تحافظ على المال العام أي على عائدات الشعب من الشركات المنتصبة في البلاد وهي عائدات بمئات المليارات فتجعل كافة مواقع الإنتاج مناطق عسكرية مغلقة لا يدخلها إلا العاملون فيها أو المتعاملون مباشرة مع الشركات وإما أن تترك الحبل على الغارب  فتعلن عجزها عن حماية مواقع الإنتاج ... لعلّ الاتحاد يتولّى ذلك في ما بعد.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق