أزمة الخليج : الديبلوماسية التونسية تستعيد عافيتها ....

أزمة الخليج : الديبلوماسية التونسية تستعيد عافيتها ....

 

يبدو أن الديبلوماسية التونسية بدأت تستعيد اشعاعها رويدا رويدا تزامنا مع أزمة الخليج التي اندلعت مؤخرا بين دولة قطر من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين واليمن ومصر من جهة أخرى .
ورغم الضغوطات الكبيرة التي مارستها الدول الخليجية على تونس لدفعها نحو قطع العلاقات مع قطر والإقتداء بدول أخرى سايرتها في القرار على غرار مصر واليمن وليبيا وموريطانيا والمالديف ، إلا أن الحكومة التونسية حافظت على حيادها من الأزمة ورفضت الخضوع للإملاءات الاجنبية والاصطفاف وراء طرفّ معيّن على حساب الاخر ، حيث اختارت الحياد وهو من تقاليد تونس الدبلوماسية وعامل قوة في جميع المحافل .
حياد تونس في أزمة الخليح الأخيرة تتجسّد في تصريح وزير الخارجية خميس الجهيناوي حين صرّح بالقول :"نأمل أن يمكن حصر هذا.. ونتمنى تجاوز الخلافات في الخليج ونتمنى أن يتوصل الاخوان في الخليج الى حل يرضي جميع الأطراف.. فلا نريد مزيدا من التفرقة" .
والثابت أن التزام تونس بالبقاء على نفس المسافة بين " الإخوة الأعداء " في الخليج سيحصّنها من امكانية وقوع أزمات ديبلوماسية في المستقبل القريب مع دول شقيقة ترتبط معها اقتصاديا بشكل كبير ، فلو اختارت تونس الاصطفاف مع قطر مثلما فعلت المغرب وتركيا وايران وغيرهم ، فسيكون لهذا القرار تداعيات خطيرة في العلاقات التونسية السعودية او التونسية الاماراتية التي تشهد فتورا غير مسبوق منذ اعتلاء حركة النهضة سدّة الحكم ، علما بأن الوضع الداخلي الهشّ لا يسمح لتونس بالدخول في تحالفات إقليمية مجهولة العواقب .
وفي المقابل ، لو خيّرت الحكومة التونسية الاصطفاف وراء الحلف " السعودي - الإماراتي " فسيعتبر هذا الموقف خاطئا نظرا لدور قطر في دعم التجربة الديمقراطية التونسية منذ اندلاع الثورة في شهر ديسمبر من عام 2010 وسعيها الفعلي لذلك كما تجسد في مشاريع ومحطات عدة أهمها المؤتمر الدولي للاستثمار الذي احتضنته تونس في شهر نوفمبر الماضي وأسهمت قطر بأعلى مبلغا من بين الدول المشاركة بقيمة مليار ومئتين وخمسين مليون دولار سدد القسط الأوفر منه في شهر افريل الماضي ، خلافا لبعض الدول الخليجية الاخرى التي بان بالكاشف معارضتها للانتقال الديمقراطي في تونس ورفضها المطلق لتواجد حركة النهضة في المشهد السياسي التونسي وهو ما يعدّ  تدخّلا خطيرا وسافرا في المسائل الداخلية والسيادة التونسية .
ومن الواضح أن  لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بصفته أحد " المهندسين " السابقين للديبلوماسية البورقيبية دورا هاما في الموقف الأخير من أزمة الخليج  ، وهو ما  يؤكد ان الديبلوماسية التونسية بدأت تستعيد عافيتها برفضها الانسياق وراء أجندات وإملاءات خارجية  لا تهم المواطن التونسي  .

شكري

التعليقات

علِّق