أريد أن أفهم : ماذا تفعل " منظمة إرشاد المستهلك " وهل المستهلك في حاجة أصلا لمن يرشده؟

أريد أن أفهم : ماذا تفعل " منظمة إرشاد المستهلك " وهل المستهلك في حاجة أصلا لمن يرشده؟

استمعت مرات عديدة إلى السيد لطفي الرياحي رئيس ما يقال إنها منظّمة لإرشاد المستهلك . ولعلّ الاستنتاج الذي أخرج به في كل مرة أن هذا الرجل لا يعيش معنا في هذه البلاد على ما يبدو.

وخلال اليومين الأخيرين سمعته أكثر من مرّة وقرأت ما كتب على لسانه أكثر  من مرّة. فعلى سبيل المثال فقد  أتانا "حكمة " ستظل حديث الأجيال  إذ قال : " ملابس العيد بالنسبة إلى  الأطفال   باهظة جدّا ". ولست أدري ما الفائدة التي تحصل للمواطن عندما يقول له السيد لطفي إن أسعار ملابس الأطفال باهظة جدّا؟. فهذا الأمر يعرفه القاصي والداني يا سيد لطفي ولا أظنّك أتيت بالجديد حيت أعدت الحديث عنه. فنحن في الصحافة المكتوبة كتبنا عنه 5 آلاف مرّة منذ أكثر من 25 سنة ولم يتغيّر شيء ... فلا ملابس الأطفال رخص ثمنها ولا الأولياء انقطعوا عن شرائها لأبنائهم.

وفي شريط أنباء الثامنة ليلا من يوم أمس الخميس جاءنا السيد لطفي ليعيد علينا كلاما كان قد قاله حرفا حرفا في مثل هذا الوقت من السنة الماضية . فحسب رئيس هذه المنظمة فإن تكلفة وجبة الإفطار ووجبة السحور بالنسبة إل  عائلة تونسية تتكوّن من 4 أفراد لا تقل عن 55 أو 60 دينارا في اليوم... وهذا الرقم ( 55 و 60 دينارا ) هو نفسه الذي تحدّث عنه في السنة الماضية خلال شهر رمضان الماضي .

وقال السيد لطفي إن منظمته أجرت دراسة في هذا السياق أفضت إلى هذا الاستنتاج الذي لا أعتقد أنه يمتّ إلى الواقع بأية صلة كانت.

صحيح أن 55 أو 60 دينارا لا  تعتبر مبلغا كبيرا بالنسبة لبعض التونسيين وصحيح أن بعض التونسيين إذا أرادوا أن ينفقوا أضعاف هذا المبلغ فهم ينفقون وزيادة ...لكن صحيح أيضا أن هذه الدراسة ليست واقعية على  ما أظنّ. وسأبيّن للسيد لطفي أن هذين المبلغين مبالغ فيهما كثيرا. ففي وجبتي الإفطار والسحور ليوم أمس الخميس ( يعني في نفس اليوم الذي جاء فيه وصرّح بهذا الكلام في التلفزة الوطنية ) أنفقت نصف هذا المبلغ على أقصى تقدير واشتريت كل ما أحتاجه لعائلة تتكوّن من 3 أفراد ( وليس 4 ). اشتريت فخذ ديك رومي كامل ( 7500 مليم ) ورطل فلفل ( 2250 مليما ) ورطلا من الطماطم ( 1500 مليم ) ورطلا من البطاطا ( 1100 مليم ) و " ربطة " ثوم ( دينار واحد ) ورطلا من سمك " سبارس " ( 1900 مليم ) للشربة ... ورطلا من الفراولة  ( 2500 مليم ) ورطلا من الموز ( 3100 مليم ) باعتبار أن الكيلوغرام موجود اليوم بسعر 6 دنانير مثلما هو موجود بسعر أرفع أيضا ...

واشتريت أيضا 3 أو 4 " باقات " مختلفة ( 1200 مليم ) ...

ومثلما ترى سيدي فإن مجموع هذه " القضية " كلّها  كان 20150 مليما ... نضيف إليها ( وعلى خاطرك ) 9850 مليما ( بعنوان تفويح وزيت وما إلى ذلك ... وهي في الحقيقة لا يمكن أن تصل إلى هذا المبلغ ) ليكون المجموع في النهاية 30 دينارا لا غير.

ومثلما ترى أيضا سيدي الكريم فإن 30 دينارا بعيدة جدّا جدّا عن 55 أو 60 دينارا. ومثلما أرى أنا هذه المرّة فإن الدراسة التي قامت بها منظمتك ليست صحيحة ويبدو أنها تنجز مثل الكثير من الدراسات الأخرى أو عمليات سبر الآراء " المغوشة" التي تعتمد على الهاتف أو على عيّنة من " 4 كعبات " يمرّون بالصدفة من أمام " شامبيون " أو مونوبري أو المغازة العامة.

إن ما أريد أن أقوله في النهاية هو أننا يا سيد لطفي نعيش في هذه البلاد قولا وفعلا ولا نختفي وراء المكاتب ونقول إننا أنجزنا دراسة أفضت إلى كذا. وعلى هذا الأساس أدعوك إلى أن تنزل إلى الميدان وتفعل مثلما نفعل لترى في النهاية أنك لم تكن على صواب ... مع العلم أنني مثلك ومثل ملايين من التونسيين أشتكي صباح مساء ويوم الأحد من غلاء الأسعار في كل شيء ... لكنّي لست مثلك في نقل المعلومة للناس.

ومثلما تلاحظون فخلال تنقّل السيد لطفي الرياحي من التلفزة إلى إذاعة " إكسبريس " ( أو ربما العكس )  زادت قفّة المواطن " خمسة لاف " أو نقصت ..وهذا حسب اتجاه الريح طبعا.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق