نعم للمحاسبة لا للتَّنكيل والتَّشفِّي..
السَّجين السِّياسي السَّابق ورجل الأعمال والنَّائب المُؤسِّس والبرلماني والوزير الأسبق لحقوق الإنسان والعلاقة مع المؤسَّسات الدُّستوريَّة ومع المجتمع المدني الصَّديق مهدي بن غربيَّة ليس فوق المسائلة، ولكنَّ التَّنكيل والتَّشفِّي الَّذي يتعرَّض له ومنعه من حقوقه الأساسيَّة في السِّجن، مَّا أدَّى إلى تدهور حالته الصِّحِّيَّة البدنيَّة والنَّفسيَّة، ليست من العدالة في شيء..
وذكر محاميه وأعضاء لجنة الدِّفاع أنَّ "الإحساس بالضَّيم والقهر الَّذي أصاب منوِّبهم أمام حجم التَّنكيل والتَّحامل وإنعدام النَّزاهة بإبقائه رهن الإيقاف دون البتِّ في ملفِّه لمدَّة تزيد عن أربعة اشهر (134 يوما) بعد صدور قرار ختم الأبحاث الَّذي قرَّر الإفراج عنه، علاوة على الإصرار على إبقائه في السِّجن بعد انقضاء آجال الإيقاف التحفظي... كلُّ هذا جعله في حالة نفسيَّة متردِّية إستحال معها إقناعه بفك إضراب الجوع الوحشي الذي دخل فيه (منذ أكثر من إثنى عشرة يوما)."
وتحمِّل هيئة الدِّفاع المسؤوليَّة كاملة لكل من ساهم في المظلمة الَّتي تعرَّض لها منوِّبها."..
مهدي بن غربيَّة قدَّم خدمات جليلة لحقوق الإنسان في بلادنا لا ينكرها إلَّا جاحد، سواء بصفته نائبا مُؤسِّسا لدستور 2014 وبرلمانيَّا ووزيرا لحقوق الإنسان.. بل ومثَّل بلادنا رسميًّا كوزير في أشغال مجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان وفي تراُّس وفود بلادنا لتقديم التَّقارير الدَّوريَّة للدَّولة التُّونسيَّة أمام اللِّجان التَّعاقديَّة لحقوق الإنسان التَّابعة للأُمم المُتَّحدة، وقدَّم بصفته تلك مجموعة من التَّعهُّدات الدُّوليَّة بإسم تونس لمزيد إعمال وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ووقايتها من كل إنتهاك..
وتمَّت مسائلته جزائيًّا مؤخَّرا في عدد من القضايا المتعلِّقة بنشاطه الاقتصادي، في "حرب" انتقائيَّة ضدَّ الفساد، وفي سياق رغبة جامحة في ترذيل الدُّستور والبرلمان والأحزاب والمخالفين في الرَّأي.. وفي حين لا يزال العديد من المسؤولين عن الفساد ورموزه أحرارا طلقاء ينعمون بالحُرِّيّة المطلقة بل ويتصدَّرون المناصب والمواكب..
يعاني مهدي بن غربيَّة من صعوبات صحِّيَّة جرَّاء التَّضييق على حقوقه الأساسيَّة، ممَّا يستوجب الكف حالَّا عن ممارسات التَّشفِّي والتَّنكيل به ونقله على جناح السُّرعة خارج السِّجن للعلاج..
على وزيرة العدل والإدارة العامَّة للسُّجون إتخاذ الإجراءات الضَّروريَّة لإنقاذ حياة السَّجين السِّياسي مهدي بن غربيَّة..
وعلى رئيس الجمهوريَّة الضَّامن لعلويَّة الدُّستور وقوانين البلاد وحقوق التُّونسيِّين والتُّونسيِّيات ممارسة صلاحيَّاته الدُّستوريَّة والأخلاقيَّة في منع سياسة التَّشفِّي و التَّنكيل وتفريج كُرب السَّجين السِّياسي مهدي بن غربيَّة..
وعلى البرلمانيِّين ممارسة حقِّهم الدُّستوري في تفقَّد أماكن الاحتجاز وزيارة زميلهم مهدي بن غربيَّة..
وعلى القضاء التُّونسي المستقل تمتيع السَّجين مهدي بن غربيّة بكافَّة حقوقه الدُّستوريَّة، والإفراج عنه في إنتظار عرض قضيَّته في محاكمة عادلة تحفظ فيها حقوقه الَّتي يكفلها له الدُّستور والقانون والإتفاقيَّات الدُّوليَّة لحقوق الإنسان الَّتي صادقت عليها بلادنا..
صابر العجيلي، شفيق الجرَّاية، زهير مخلوف، مهدي بن غربيَّة وغيرهم، مسؤولون سابقون في الدَّولة أو شخصيات تمَّت مسائلتهم جزائيَّا في سياقات سياسيَّة من التَّحريض والتَّنكيل والتَّشفِّي ضدَّ الخصوم والمخالفين في الرَّأي، وفي مناخات من الخوف والتَّخويف والتَّرهيب الَّتي غذَّاها تعطُّش السُّلطات التَّنفيذيَّة القائمة، وبشكل متواتر شبه دائم رغم إختلاف الحكومات، لتصفية الحسابات، وإدمانها على ترذيل الخصوم والمخالفين وتقديمهم قرابين على منصَّة الآلهة الحاكمة.. ممَّا لم تتوفَّر معه السَّكينة اللَّازمة المستقرَّة في وُجدان القاضي الطَّاهر ليقوم القضاء المستقل بدوره وينطق بالعدالة المتجرِّدة، بكل استقلاليَّة وحياد ونزاهة عن المؤثِّرات السِّياسيَّة..
قضيَّة مهدي بن غربيَّة من أنظار الأمم المُتَّحدة الآن، وبلادنا ليست في حاجة لمزيد من المآسي ولا لمزيد من تحبير وتسويد صفحة إنتهاكات حقوق الإنسان ولا تحمُّل كلفتها العالية داخليًّا وخارجيًّا..
في جملة، قضية مهدي بن غربية:نعم للمسائلة والمحاسبة، لا للتَّنكيل والتَّشفِّي..
الناشط السياسي:عبد الله الوهاب الهاني
التعليقات
علِّق